قنير

ما زالت الأمم المتحدة تعترف بحقوق أهل فلسطين لأن الفلسطينيين متمسكون بهذا الحق المقدس ، لكن أين التطبيق ؟!

​​ من​​ قرى​​ حيفا​​ المدمرة

قَنِّير​​ إحدى بلاد الروحة

 

إعداد​​ الباحث عباس نمر

عضو اتحاد المؤرخين العرب

 

لا​​ شيء أخطر على الإنسان من أن يكون جاهلاً بالتاريخ ، فإن من لا ماضي له لا مستقبل له ، ونحن أبناء هذا الوطن المحتل أصحاب حق لا يبطله مر السنين ولا إدعاءات المدعين ، فالحقوق​​ ثابتة لا تزول بل للباطل الزوال " إن الباطل كان زهوقا " مهما طال الزمن .

ورغم مرور سبعة وستين عاماً على نكبة الشعب الفلسطيني ورغم ما أصابه من لأواء وضرّاء ومصائب ومحن تهد الجبال إلا أنه ما يزال ثابتاً عاملاً ليوم النصر ولا راحة له إلا بالعودة​​ وأينما​​ حل وأرتحل من مكان إلى آخر وفي أي ناحية من أنحاء المعمورة ، ما فتئ يحمل معه المكان بموجوداته وذكرياته ، لا ولن ينسى الشعب الفلسطيني أينما رحل وحيثما حل من الأرض ، أرضه المباركة فهي أعز ما يملك ، وليعلم العالم أنه لا يوجد في التاريخ الحديث نكبات توازي نكبة فلسطين ولم يحدث قط أن غُزِي بلد مسالم فطرد أهله الأصليون منه إلا في فلسطين ، وعلى الرغم من​​ انقضاء​​ كل هذه السنوات ما زالت الأمم المتحدة تعترف بحقوق أهل فلسطين لأن​​ الفلسطينيين​​ متمسكون بهذا الحق المقدس ، لكن أين التطبيق ؟ فما زال الظلم ودوله المعتدية على حقوق الإنسان تحول دون إعادة الحق إلى نصابه ومما يبقي شعلة الأمل والتفاؤل ويخفف عن النفس​​ أحزانها وآلامها ، إن أبناء هذا الشعب في أفراحهم وأتراحهم ولقاءاتهم يتحدثون​​ عن​​ مسقط رأسهم وأبناء الأبناء وبعد (67) عاماً وهم مصممون على حق العودة وأنه لا بد لهذا الليل من آخر، ولا هم يفقدون الأمل لأن الأمل بالله .

ومع الرواية الشفوية والمكتوبة ها هي قرية قنير تحدثكم عن نفسها فكان اللقاء الأول لهذه الرواية الشفوية في بيت الحاج أبو صلاح يوم 21/7/2011م إثر وفاة زوجته المرحومة الحاجة أم صلاح أمل ظاهر ، وممن أتحفنا وأفادنا كل من الأستاذ محمود ديب ظاهر من مواليد عام 1936م ومدير التربية والتعليم سابقاً في جنين وكذلك الأستاذ منجد مصطفى ظاهر من مواليد عام 1942م وقد كان مديراً لمدرسة سنجل الثانوية سابقاً ، ومنذ ذلك التاريخ ونحن نبحث عن تاريخ قنير القديم وبالإضافة إلى ذلك فقد​​ اجتمعنا​​ في الأردن مع عدد من أبناء القرية وكان آخر تلك​​ الاجتماعات​​ الطيبة​​ اجتماع​​ في بيت الحاج طلال محمد أحمد الشافعي في مدينة البيرة بحضور الحاج أبو صلاح عبد القادر ظاهر وأبنته السيده أنوار زوجة الحاج طلال الشافعي .

وأهم مراجع هذه الحلقة كانت​​ كتاب (لواء عكا في عهد التنظيمات العثمانية 1864ـ1918م) لمؤلفه الدكتور زهير غنايم وكتاب (حيفا الكرملية ـ حيفا وقضاؤها 1750 ـ 1948م) لمؤلفه الباحث القدير علي حسن البواب والمجلد الحادي عشر من (بلادنا فلسطين) لمؤلفه المرحوم مصطفى مراد الدباغ وكتاب (كي لا ننسى) لمؤلفه وليد الخالدي وأخيراً موسوعات الدكتور سلمان حسين أبو ستة وخصوصاً (سجل​​ النكبة​​ 1948م) ،​​ وها​​ نحن نروي تلك المعلومات والذكريات لتكون حافزاً على​​ الاستمرار​​ في صيانة العهد وعلى التمسك بالحق على مدى الأيام ، وليعلم العالم كل العالم أن فلسطين للفلسطينيين ، وأنها عربية وستبقى عربية مهما كاد الكائدون ومهما سعى فساداً في الأرض المفسدون ، ومهما ساند الظلم الظالمون ، فقد آن لليل أن ينجلي وللفجر أن يطلع .

الموقع

(​​ قنير​​ )​​ هي أحدى قرى​​ حيفا والواقعة في الجزء الجنوبي من قضاء حيفا قبل النكبة ، وهي على بعد 35 كيلومترا من حيفا وهي أيضا على بعد​​ (12)​​ كيلومتراً عن البحر الأبيض المتوسط ومعدل ارتفاع القرية عن سطح البحر​​ (90)​​ متراً وكانت القرية تقع في القسم الجنوبي الأوسط من أقدام جبل الكرمل على الضفة الشمالية لوادي قنير​​ الذي ينحدر غرباً ليرفد نهر الزرقاء متجهاً نحو الغرب إلى البحر الأبيض المتوسط .​​ 

التسمية

(قنير) بفتح أوله وكسر ثانيه مع التشديد وياء وراء وهذا هو الاسم الموروث عن الآباء والأجداد وجاء في الوثائق العثمانية أن قنير​​ بهذا الاسم​​ هي أحدى قرى ناحية الروحة​​ أو بلاد الروحة​​ .

المساحة والحدود

بلغت مساحة أراضي القرية (قنير) في عام 1945 (11331) دونماً كانت جميعها ملكاً لأهلها .

ويحدها من الشمال قريتي أم الشوف والسنديانة ومن الشمال الغربي والغرب قرية السنديانة ومن الجنوب الغربي المراح ومن الجنوب والجنوب الشرقي كفر قرع ومن الشمال الشرقي ام الشوف .

عدد البيوت المعمورة

بلغ عدد البيوت المعمورة في​​ قنير عام 1886م (133) بيتاً وفي نهاية العهد العثماني 1915م (73)​​ بيت وفي عام 1931م كان لهم (92) بيتا اما عام النكبة 1948م وصلوا إلى (165) بيت .

عدد​​ السكان

كان عدد اهالي قنير عام 1922م (400) نسمة وقي عام 1931م (483) نسمة منهم (257) ذكراً و(226) أنثى وفي عام 1945م​​ ارتفع​​ إلى (750) نسمة وكلهم مسلمون أما عام النكبة 1948م فقد كان عددهم (870) نسمة وأما عدد اللاجئون المسجلون في وكالة الغوث 2008م قد وصل إلى (7596) نسمة .

الحمايل والعائلات

هذه​​ أسماء​​ الحمائل والعائلات​​ والأسر​​ التي​​ استطعنا جمعها​​ من أهالي قنير في الأردن وكتاب (حيفا الكرملية) لمؤلفه علي حسن البواب​​ ونأمل أننا وفقنا بذلك​​ ونعتذر لمن لم نذكر حمولته أو عائلته ، أما ما أستطعنا جمعه فهم​​ :​​ الظاهر ، السايس ، الأحمد ، الشاويش ، الجمال ، القمر ، الناطور ، المصاروة ، الخطيب ، المصري ، العنبتاوي ، أبو عاقله ، الفاري ، أبو واصل ، إعلنيمي ، الجبعاوي ، الزكراوي ، أبو شقير ، العموري ، الجبالي ، الحسن ، الحاج أحمد ، الداود ، الحاج حسين ، السعيد ، الشيخ عوده ، الشيخ محمد ، ​​ الموسى ، المصطفى ، اليوسف ، المحمود ، حمد ،​​ زهيري ، قداره ، قندس ، شلبي ، برهم ، خليل​​ ، العلي ، عبد القادر قاسم ، كساب ، عمرو ، خليل الأحمد ، فوده ، قنديل ، التمراوي ، أبو زيد ، العنتير ، واليوم كثير من عائلات قنير يضاف إليها القنيري​​ .

مخاتير​​ القرية

كان في الغالب​​ في قرية​​ قنير منذ بداية المخترة في العهد العثماني مختاران ، مختار أول ومختار​​ ثان​​ ، وكان المختار ينتخب من قبل أهالي القرية أو بموافقة الحمايل والعائلات ومن مخاتير القرية في العهد العثماني :

1ـ الشيخ عبد الغني​​ .

​​ الشيخ محمد العبد .​​ 

3ـ الشيح محمد عبد الحفيظ .​​ 

أما في فترة الانتداب البريطاني من مخاتير القرية :​​ 

​​ الشيخ عبد القادر عبد القادر الصالح الظاهر وكان مختار أول للقرية .

​​ الشيخ محمد الحمد .

3ـ الشيخ محمد عبد الغني الأحمد .​​ 

4ـ الشيخ عبد الرحمن المحمود​​ .

لجنة إختيارية قنير

كان​​ في القرية​​ لجنة إختيارية معينة من قبل مدير الناحية ، وشرط العضو أن يكون حسن السيرة والسلوك وله إحترامه وتقديره في القرية ومن المهام الموكلة إلى هيئة الإختيارية الصلح بين الناس والمراقبة على أموال الأيتام وأملاكهم وكذلك الإشراف على المدارس وأجراء التحقيقات الأولية في مشاكل القرية قبل الرجوع إلى مدير الناحية أو المحاكم وإعلام مدير الناحية بمخالفات المخاتير إذا حصلت ،واستمر مجلس أو لجنة الإختيارية في قرية قنير قائماً على رأس عمله في زمن الإنتداب البريطاني حتى عام النكبة ومن أعضاء لجنة الإختيارية في قنير :​​ 

1ـ أحمد الشيخ مسعود .

2ـ سعيد المصطفى .

3ـ مصطفى الشيخ عبد القادر صالح الظاهر.

4ـ محمد علي قندس .

5ـ أحمد عبد الرحن عمرو .

المضافات أو الدواوين

في العهد العثماني كان في القرية مضافتان الأولى في الحارة الشرقية والثانية في الحارة الغربية وفي عهد الإنتداب البريطاني إزداد عدد أهالي قنير واتسعت القرية فكثرت المضافات أو الدواوين وأصبح بيت المختار ديوان​​ وكانت المضافات أبوابها مفتوحة للضيوف وعابري السبيل والباعة المتجولين وفي نهاية حكم الإنتداب البريطاني تقريباً أصبح لكل حمولة أو تجمع مضافة وزادت هذه المضافات عن عشرة .

المسجد

كان في قرية قنير مسجد واحد وتقدر مساحته بحوالي مئة متر وعليه عشرة دونمات من الأرض وللمسجد مئذنة صغيرة ومحراب​​ ، والمسجد​​ مبني من الحجر وكان يعتبر من المعالم​​ الهامة​​ في القرية للأسباب التالية :​​ 

​​ المسجد​​ هو​​ الوحيد الذي​​ تقام فيه الصلوات الخمس والجمعة والعيدين .

2ـ هو الملتقى الفطري لأهالي قنير وخصوصاً صلاة الجمعة .

3ـ هو المدرسة الوحيدة قبل بناء المدرسة .

ومن أئمة المسجد :

1ـ الشيخ محمد العبد الرحمن ، وتفيد الوثائق العثمانية أن الشيخ محمد العبد الرحمن كان إماماً​​ للمسجد منذ عام 1892م حتى عام1901م .

2ـ الشيخ أمين .

3ـ الشيخ أسعد الشاويش .​​ 

كما​​ أشتهر مؤذني مسجد قنير بالأصوات الجميلة عرفنا منهم :​​ 

1ـ الشيخ محمود الخطيب .​​ 

2ـ الشيخ مصطفى المحمد​​ .

3ـ الشيخ عبد المالك الشيخ محمد .

4ـ الشيخ محمد القندس .

المقامات​​ 

كان في القرية عدد من المقامات المعروفة منها :​​ 

1ـ مقام النبي بلياء ويقع إلى الجنوب الغربي من القرية .

2ـ مقام الشيخ العتيلي .

3ـ مقام الشيخ أمين عرقوب .

4ـ مقام الشيخ صالح وهو في المقبرة القديمة .

المقبرة

تقع المقبرة في جدر البلد ومساحتها نقدر بعشرة دونمات وما زالت آثار القبور ظاهرة خصوصاً القبور المبنية بالحجر وكتب شواهدها اسم المتوفي وتاريخ الوفاة .

التعليم

لقد انتشر​​ التعليم في قرية قنير منذ الدولة العثمانية وتبين لنا ان عدد الطلاب الذكور في قنير هو (20) طالب وذلك في عام 1891م واستمر​​ التعليم على شكل الكُتاب حتى افتتاح المدرسة عام 1935م التي بنيت على حساب أهل القرية وكان بنائها من الحجر وهي عبارة عن غرفتين كبار ولها ساحة كبيرة وملعب ومرافق صحية وأثاث مدرسي كامل وفيها حتى الصف الرابع وأطلق عليه مدرسة قنير الأهلية ، وفي عام 1945م تحولت المدرسة إلى مديرية المعارف لتشارك في تعيين المدرسين وإرسال المفتشين إلى المدرسة .

وقبل افتتاح المدرسة في القرية كانت صفوف الكُتاب منتشرة في القرية وكانت في المسجد وفي عدد من بيوت القرية وذلك لكثرة الطلاب ومن مدرسي الكُتاب في القرية :​​ 

1ـ الشيخ أمين القرعاوي من كفر قرع .​​ 

2ـ الشيخ بكر العتيلي من عتيل .​​ 

3ـ الشيخ محمود أبو الغول من عررة .

4ـ الشيخ محمد العبد الشيخ من قنير .​​ 

5ـ الشيخ مصطفى السعيد من قنير .

أما من مدرسي المدرسة في القرية :

1ـ الاستاذ محمود أحمد داود الخطيب من قرية عرعرة وهو أول مدير واستاذ لمدرسة القرية عام 1935م وكان راتبه على حساب أهل القرية .

2ـ الاستاذ نايف الكرمي من طولكرم وهو مدير المدرسة قبل النكبة .

3ـ الاستاذ توفيق الصباح من أم الشوف .

4ـ الاستاذ محمد يونس من عرعرة .

5ـ الاستاذ محمد عبد المالك من نفس القرية .

الحياة الإقتصادية

أعتمد أهالي​​ قنير​​ في حياتهم الإقتصادية على الزراعة بالدرجة الأولى ثم على تربية المواشي والأبقار​​ والخيل والجمال​​ ، وكان أهالي القرية يملكون أراضي واسعة ونجد أن جميع الحمايل والعائلات كانت مالكة للأرض ، ولكن تتفاوت الملكية من عائلة إلى أخرى .

الزراعة

في الغالب اتسمت الزراعة بالتركيز على​​ الزراعة​​ البعلية لسعة الأراضي ووفرة الأمطار ومن أهم المحاصيل الزراعية التي عني بها أبن قرية قنير الحبوب وتشمل​​ القمح والشعير والعدس والكرسنة والفول .. إلخ وهي محاصيل شتوية تعتمد على مياه الأمطار وإلى جانب المحاصيل الرئيسية السابقة زرعت محاصيل شتوية أخرى مثل البصل والثوم وزرع في قنير معظم البقوليات ولا ننسى أن سبب شهرة الزراعة في القرية وجود عدد من التركتورات وبلغت الأراضي المزروعة حوالي (7000) دونماً .

وكان لزراعة الأشجار اهتمامات كثيرة فمثلاً كان في القرية عام 1943م (780) دونماً مزروعة بالزيتون وفي عام النكبة زاد إلى أكثر من ألف دونم أما التين والعنب واللوزيات بكل أصنافها فكانت موجودة بكثرة​​ خصوصاً للتجارة .

وأهتم أهالي قنير بزراعة الحقول والمقاثي والبساتين المروية وتقدر مساحتها حوالي (920) دونماً وذلك قبل النكبة ومع بداية عام 1938م ظهرت زراعة بيارات البرتقال والجوافة وبدأت تنتشر​​ في القرية​​ .

عيون الماء

أعتمد أهالي قرية قنير في مياه الشرب والزراعة والبساتين على عدة آبار منها :​​ 

1ـ بئر قنير : وهو بئر عميق قديم ويقال أنه بئر روماني ومياهه لا تنضب وهو بئر فجر ويستعمل للشرب وهذا البئر يصبح مع بداية الشتاء نهر صغير مياهه تنفجر من الأرض لذلك يقولون أنه بئر فجر وهذا النهر يستمر حتى نهاية الربيع ومياهه تذهب غرب إلى البحر الأبيض المتوسط .

2ـ بئر الفاري ويقع إلى الشرق من القرية في المنطقة الجبلية ومياهه دائمة وعليه العديد من مضارب البدو وهم سكان دائمون .

3ـ عين أم غنوم وهي في المنطقة الشمالية للقرية وتستعمل لسقاية الأغنام والدواب والأبقار وهذه العين على الرغم أنها للأغنام لكن كثرت حولها البساتين والخضروات ومياه هذه العين دائمة لا تنقطع .

4ـ عين الرشراشة : هي عين ولها أكثر من نبع ومع بداية الأمطار الغزيرة تبدأ ينابيع المياه ​​ بالظهور على شكل نوافير جميلة وهي في أراضي القرية الجنوبية ويزرع عليها كل أنواع الخضروات .

5ـ عين الصفصافة : وهي غرب القرية وهي دائمة وقوية وزرع حولها بساتين كثيرة .

6ـ عين الحنانة : وهذه العين يردها عجال البقر والأغنام .

وفي قنير الكثير من العيون الدائمة وأيضاً يكثر فيها العيون التي تجف مع قدوم الصيف وأكثر العيون انتشاراً في القرية في منطقة الشمال من أراضي القرية .

الثروة الحيوانية

بقدر إهتمام​​ أهالي​​ قنير بالثروة الزراعة​​ أيضاً كان لهم اهتمام بالثروة الحيوانية وكانت مساحات واسعة في أراضي القرية خصصت مراعي للحيوانات وكانت هناك آبار خاصة لرعاة الأغنام والأبقار من أجل مواشيهم وأبقارهم ودوابهم ، أما بالنسبة للأبقار فقد​​ اهتم​​ أهل القرية بتربيتها وذلك​​ للاستفادة​​ منها في الحراثة ودرس المحاصيل وأيضاً استفاد أصحابها من حليبها ولحمها .

وأهتم أهل القرية بتربية الخيول والبغال والحمير والجمال ، فاستعملوها كوسائط ولم يخل بيت من هذه الحيوانات ، أما الطيور فكان​​ الاهتمام​​ أكثر في تربية الدجاج والحمام وأهتم عدد من أهالي القرية بتربية النحل للحصول على العسل .

السوق في قنير

مع بداية عام 1940 اتسعت حارات القرية وكثرت الدكاكين الصغيرة مثل البقالات والخضروات واللحوم والحلاقين وبابور للطحين (مطحنة قمح) ومنجرة عربية لصناعة محاريث الزراعة ، وكان القمح والشعير والذرة والبقوليات والفواكه والحمضيات والخضروات تصل محمولة على الجمال إلى سوق طولكرم.

جمعية تعاون القرى

تأسست جمعية تعاون القرى في عام 1924م وكان مقرها حيفا ولها فروع في القرى التالية وهي : إجزم ، عين غزال ، الفريديس ، قمبازة ، عين حوض ، المزار ، جبع ، الطيره ، ام الزينات ، صبارين ، السنديانة ، قنير ، ام الشوف ، خبيزة ، كفر قرع ، عرعرة ، الطنطورة ، عتليت ، قيرة ، دالية الروحة ، أم الدفوف ، البطيحات ، ابريكه ، الكفرين ، عرب التركمان ، وبقيت هذه الجمعية على هدفها حتى عام النكبة وذلك بهدف تحسين أوضاع الفلاحين وكان رئيس الجمعية العام مصطفى الشيخ عبد .

الخرب الأثرية​​ 

في قرية قنير

من خلال البحث تبين أن قرية قنير هي نفسها مبنية فوق بلدة قديمة وأراضيها فيها العديد من الخرب الأثرية الأمر الذي جعلني مقابلة الأستاذ الأثري عوني شوامرة صاحب الإختصاص في ذلك وكان السؤال : استاذ عوني الشوامرة مدير دائرة التسجيل للمواقع الأثرية في وزارة السياحة والآثار ، أهلا وسهلا بكم ، حدثنا عن قنير وخرب قنير ؟ فأجاب : إن قنير نفسها تقوم على خربة أثرية كذلك يوجد عدد من الخرب ضمن أراضي قرية قنير وهذه الخرب فيها استيطان بشري يعود إلى العصور البرونزية وبعضها استمر حتى الفترة العثمانية ومن هذه الخرب :​​ 

1ـ خربة أم الأكاديش وتقع إلى الشمال من قنير .

2ـ خربة المعاصير وتقع في الشمال الشرقي من القرية .

3ـ خربة الكلبه وتقع شمال القرية .

4ـ مغارة الغولة وهي شرق القرية .

5ـ خربة الكسابية وتقع شرق القرية .

6ـ خربة الست ليلى تقع في الشمال الغربي للقرية .

7ـ خربة النبي بلياء (بليان) وهي في الجنوب الغربي للقرية .

8ـ خربة الظهرة (ظهرة صافية) وتقع إلى الغرب من النبي بليان .

قنير إحدى قرى​​ 

بلاد الروحة

بلاد الروحة أو ناحية الروحة هي أحدى المناطق الجنوبية للواء حيفا ولها تاريخ منذ بداية العهد العثماني وفي نهاية الإنتداب البريطاني وحسب كتاب : ( بلاد الروحة في فترة الإنتداب البريطاني ـ السنديانة نموذجاً ) لمؤلفيه الدكتور مصطفى كبها والدكتور نمر سرحان ذكر فيه أن قرى بلاد الروحة هي :​​ ابو زريق ​​ ، الغبية التحتى ​​ ، النغنغية ​​ ، الغبية الفوقا ​​ ، المنسية ​​ ، اللجون ​​ ،  بياضة ​​ ، المشيرفة ​​ ، مصمص ​​ ، عين ابراهيم ​​ ، جعارة ​​ ، ريحانية ​​ ، دالية  الروحة ​​ ، ام الدفوف ​​ ، البيار​​ ،​​ البطيمات ​​ ، خبيزة ​​ ، ام الشوف ​​ ، قنير ​​ ، كفرقرع ​​ ، صبارين ​​ ، خربة المنشية ​​ ، زمارين ​​ ، السنديانة ​​ ، ابريكة ​​ ، المراح ​​ ، الصفصافة ​​ ، البرج ​​ ، ام العلق ​​ ، كبارة ​​ ، الكفرين ​​ ، عارة ​​ ، ابو شوشة​​ .

إحتلالها وطرد أهلها

كانت قرية قنير قبل النكبة 1948م بلدة هادئة وادعة مطمئنة عامرة بأهلها أراضيها خصبة بمزروعاتها بحقولها وأشجارها ، وأهلها منتمون لقريتهم لأرضهم وبعد أن أصبح وعد بلفور يتحقق من أجل قيام إسرائيل وجاء السلاح لليهود من الخارج غير السلاح الذي سلمته بريطانيا إليهم ، والشعب الفلسطيني​​ لا حول له ولا قوة ومن أجل ذلك شارك أهالي قرية قنير أهالي فلسطين بالدفاع عن الأرض فقام أهالي قنير بشراء السلاح والذخيرة بكل الأثمان لذا لم يبخلوا بالتضحية وبالدفاع عنها بكل امكانياتهم التي بين أيديهم واستمر أهالي القرية صامدين وحصنوا قريتهم بإستحكامات وخنادق هذا ومنذ بداية عام 1948م حسب تقارير للجيش الإسرائيلي بدأت مناوشات من فصائل من مشاة الهاغناة وأحياناً من رجال البالماخ وذكر المؤرخ الإسرائيلي بني موريس أن سكان قنير نزحوا في 25/4/1948م خوفاً من هجوم قد يشن على القرية لكن الرواية الشفوية وسجلات جيش الإنقاذ تفيد أن في نهاية الأسبوع الأول من شهر أيار جهزت قوات الهاغناة نفسها لإحتلال القرية وفي صباح يوم 8/5/1948م تحركت مدرعات الهاغناة وتقدمت حتى وصلت حدود القرية لكن الهجوم فشل​​ ، وفي يوم 9/5/1948م احتل جنود لواء الكسندروني المناطق المشرفة على قرية قنير وبدأت مناوشات بين جنود اللواء وأهالي القرية ثم قصفت قوات اللواء الكسندروني بالراجمات والرشاشات القرية حتى انتهت الذخيرة مع المدافعين ثم انسحبوا بعد تقديم الشهداء والجرحى وتقدم اللواء حتى وصل القرية ونسف معظم البيوت .​​ 

وقال المؤرخ الإسرائيلي الدكتور إيلان بابه : لقد كانت سرعة تقدم لواء الكسندروني في تطهير المستطيل الساحلي في جنوب حيفا مرعبة خلال النصف الثاني من شهر أيار حيث طهر القرى تطهيراً عرقياً​​ منها خربة المنارة وقنير وقمبازة والشونة وقد قاوم عدد قليل من القرى بشجاعة فلم يتمكن لواء الكسندروني من احتلالها ، إلا نه في النهاية احتلت في تموز وجرة تطهيرها .

وهكذا تم طرد جميع اهالي القرية بعدما قدموا الشهداء على أرض قريتهم والقرى المجاورة وعرفنا منهم : الشيخ ذيب محمد صالح الظاهر ، وشريف محمد ياسين ومصطفى عبد الخالق ظاهر ,محمود الحيثاوي وأحمد عبد الحميد حمد وخرج اهالي قنير مشردين مشتتين بعد أن عمت البلوى ، تاركين الأرض أعز ما يملكون أرض الآباء والأجداد ولا يعلمون عن غدهم شيئاً مكلومين هائمين على وجوههم غارقين في الحيرة لما أصابهم بعد عزهم لاجئين في البقية الباقية من الوطن الغالي في مخيمات جنين وطولكرم وقراهم وكذلك في قرى نابلس ورام الله والبيرة وفي مخيمات وقرى ومدن الأردن وسوريا ولبنان ، وهم اليوم تقريباً في كل بلاد العالم يعيشون على أمل العودة إلى بلدتهم الحبيبة قنير إن شاءا لله وحلم العودة لا ينتهي .

وأخيراً

إن بلدة قنير صاحبة التاريخ العريق وأهلها الكرماء لا يفيهم ما قدمناه في هذه الحلقة الصغيرة والمتواضعة لأن هذه البلدة بحاجة إلى المزيد من الشرح والتفصيل ونأمل من أهلنا أبناء قنير أن يجمعوا تاريخ وتراث وجغرافية هذه القرية لإكمال النقص واستدراك ما غاب لأن الذي عرض ما هو إلا النزر اليسير من القليل القليل فمثلاً لم نتحدث عن التاريخ القديم خصوصاً في الفترة العثمانية وتاريخ القرية في فترة الانتداب ولم نتحدث عن الحياة الاجتماعية والأفراح والأتراح والأعياد والأزياء الشعبية والعادات والتقاليد والحياة الاقتصادية ... إلخ .​​ 

فعليكم يا أهالي قنير خصوصاً أهل العلم تدوين ما تجمعون ليكون كتاباً بل مجلداً نفيساً عن البلدة ، وشكري لأسرة مؤسسة إحياء التراث في أبوديس التي دائما تزودنا بالوثائق القديمة والقيمة ولا تبخل على أحد والشكر موصول إلى كل من اسرة مكتبة بلدية البيرة العامة ومكتبة القطان لجهدهم الصادق والمخلص في إعطاء المعلومة وتيسير كل وسائل البحث للباحثين .

2

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

طيرة حيفا الفلسطينية في عهد الدولة العثمانية – الجزء 2/2

إعداد الباحث عباس نمرعضو اتحاد المؤرخين العرب لقد تحدثنا في الحلقة الأولى حول المقدمة والموقع ...