كـسـلا – إحدى قرى القدس الغربية



إعداد الباحث عباس نمر
عضو اتحاد المؤرخين العرب

قلنا أن التاريخ لا يعرف صراعاً منذ القدم كما هو الصراع على فلسطين لأن فلسطين بعمقها التاريخي هي الأرض المباركة أرض الأنبياء ومهبط الرسالات التي قامت من أجل خير البشر مع سلامهم المادي والروحي .

وبدأ الواقع الصعب للأرض المباركة منذ الاحتلال البريطاني عليها عام 1917م ، لهذا كانت بدايات القرن الماضي مأساة حيث مهد الانتداب البريطاني سياسياً وعسكرياً واقتصادياً للذي حصل لشعب فلسطين عام 1948م من نكبة وما رافقها من مجازر وتهجير لأهلها أمام مرأى ومسمع العالم كله ، انها النكبة والمأساة التي تفوق ما يمكن أن يصدقه العقل أو يتصوره خيال وفي الوقت الذي يحيي الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات الذكرى الخامسة والستين لنكبتهم سنحاول من خلال هذه الحلقة مشاركة أبناء شعبنا في تسليط الضوء ولو بصورة مقتضبة تهدف إلى إعطاء صورة عن تاريخ قرية كسلا احدى قرى القدس الغربية المدمرة والمهجرة وكان عدد أهلها عام النكبة 1948م (325) نسمة هجروا وطردوا في 17/7/1948م مثلها مثل المدن والقرى الفلسطينية التي أصابها ما أصابها عام النكبة ، واليوم تحدثكم كسلا عن نفسها صانعة من الرواية الشفوية والمكتوبة تاريخاً موجزاً ولا شيء أخطر على الإنسان من أن يكون جاهلاً بالتاريخ والجغرافية ونحن أبناء هذا الوطن .

وكم كانت سعادتي من اللقاءات التي جمعتنا مع كبار السن أصحاب الرواية الشفوية من أهالي كسلا والجميل في ذلك أنهم أيضا هم أنفسهم من يتحدثون عن قرية بيت جيز قضاء الرملة ، ومن المعروف أن أهالي كسلا هم حمولتين دار عياد ودار إحزين وهم أنفسهم أهالي القريتين ، ولهم في بيت جيز أملاك شاسعة وواسعة ومن أصحاب الرواية الشفوية الذي إلتقيناهم هم الحاج محمود حسين أحمد عيسى عواد (أبو حسين) من مواليد عام 1926م والحاج محمد مصطفى حسن ياسين (أبو بسام) مواليد عام 1943م والحاج موسى محمد الناجي عياد (أبو شحدة) عمره يقارب المائة سنة ، وكان يرافقني في هذه اللقاءات والمقابلات السيد عبد الكريم نمر عوادر (أبونضال) والمولود بعد النكبة لكن عشقه وحبه لأرض الآباء والأجداد (كسلا) أجتهد من أجل عمل شيئ لقريته والحمد لله وفقنا في ذلك ، وأقول للأهل أبناء القرى المهجرة الذين لم يكتبوا عن قراهم عليكم بالتدوين والكتابة من أجل إعادة الذاكرة ونبشها لرسم حدود الوطن للأجيال القادمة ولولا الرواية الشفوية من أفواه الآباء والأجداد لما خرج هذا العمل إلى النور .

التسمية

تقول الرواية الشفوية أن ( كَسْلا ) بفتح الكاف وتسكين السين هو الاسم الموروث عن الآباء والأجداد وهو نفس الاسم في القرن السادس عشر وتفيد الموسوعات والمراجع الفلسطينية أن كسلا مدينة كنعانية وكان يطلق عليها اسم ( كسالون ) بمعنى ثقة وأمل ،و كانت أيضاً قرية كبيرة تعرف بالعهد الروماني باسم ( خيسالون ) نفس الاسم تقريباً ومع مرور الزمن تحولت إلى كسلا .

الموقع

تقع قرية كسلا إلى الغرب من مدينة القدس وهي على بعد (16) كيلومتراً منها ، وهي رابضة على أحدى جبال القدس الغربية وترتفع عن سطح البحر (625) متراً تقريباً وكان لها طريق معبدة مسافة أربعة كيلومترات نحو الشمال الغربي تصل بالطريق العام الواصل بين القدس ويافا وتربطها بالقرى المجاورة طرق ممهدة مثل بيت محسير واشوع وعرتوف والعمور ودير الشيخ .

المساحة والحدود

حسب وثائق الانتداب البريطاني والمراجع الفلسطينية وخريطة فلسطين عام 1945م كانت مساحة أراضي كسلا (8004) دونمات ويحدها من الشمال قريتي ساريس وبيت محسير ومن الغرب قرية أشوع ومن الجنوب الغربي قرية عرتوف ومن الجنوب قرى عقور ودير الشيخ ودير الهوا ومن الشرق قرية خربة العمور .

عدد السكان

جاء في عام 1596م أن عدد النفوس في كسلا (61) نسمة وفي عام 1871م كان عددهم (83) نسمة وفي عام 1915م وصلوا إلى (125) نسمة وفي عام 1922م وصلوا إلى (233) نسمة وفي إحصاء النفوس عام 1931م بلغوا (299) نسمة منهم (151) ذكر و(148) أنثى وللجميع (72) بيت معمور وفي عام النكبة 1948م كان عددهم (325) نسمة أما اللاجئون المسجلون في وكالة الغوث عام 2008م كانوا (1675) نسمة لكن مجموع اللاجئين وفقاً لتقديرات النفوس من نفس السنة 2008م وصلوا إلى (2697) نسمة .

اسماء العائلات

من خلال البحث تم التعرف على أن كسلا هي حمولتان فقط هما عياد وإحزين ، لكن للأهمية وجدت أنه من الأفضل أن أذكر أسماء العائلات المنبثقة من الحمولتين وهم : عادي ، عواد ، عيسى ، عبد الرحمن ، عقل ، أحمد ، ياسين ، ناصر ، اسماعيل ، علان ، مصطفى ، إسبيتان ، الأعرج ، حشمة ، عدوي ، حسن ، إبراهيم ، حسين ، عدوان ، عمرو ، إعمر ، وقاد ، ادعيق ، حمد ، ناجي ، العموري ، حرب ، عليق ، نمر ، عطا الله ، صبح ، علي ، شطارة ، عَمرِّ ، إحزين ، عياد .

المخاتير

من مخاتير كسلا في العهد العثماني محمود إعمر والشيخ حسن ناجي عياد ، أما مخاتير الانتداب البريطاني فكان كل من :

1ـ يوسف العبد عياد .

2ـ عبد الله حسن عياد .

3ـ يوسف إبراهيم عياد .

4ـ إبراهيم عيدة إحزين .

الديوان ( الساحة )

يطلق في قرية كسلا على المضافة أو الديوان أسم ساحة وتعتبر الساحة بمثابة المكان الذي يجتمع فيه رجالات القرية وأيضاً هو المكان الذي يستقبل به الضيوف وكان في القرية ساحتان الأولى لحمولة دار إحزين ، وحامولة دار عياد ، ومن المعروف أن بيت المختار هو عبارة عن ساحة .

التبعية الإدارية للقرية

من خلال التسلسل التاريخي للقرة تبين أن في بداية الحكم العثماني كانت كسلا تابعة لناحية الرملة ومن خلال الوثائق كانت كسلا عام 1850م تتبع ناحية العرقوب قضاء الخليل وبقيت كذلك حتى عام 1915م أصبحت تتبع إدارياً لناحية بيت عطاب وفي بداية الانتداب البريطاني ألغيت ناحية بيت عطاب وأعيد أسمها إلى ما كان عليه ناحية العرقوب قضاء الخليل وفي عام 1940م تحولت قرية كسلا مع عدد من قرى الخليل إلى القدس لتصبح كسلا من قرى القدس الغربية .

قرية كسلا عام 1596م/1597م

جاء في كتاب ( جغرافية فلسطين وشمال الأردن وجنوب سوريا ) لمؤلفه الدكتور كمال عبد الفتاح وزميله هتروت أن قرية كسلا كانت تتبع ناحية الرملة والرملة تتبع لواء غزة وفيها (11) من أرباب الأسر الدافعي لضريبة الزراعة وكانت قيمتها (25%) وكانت تدفع على الحنطة والشعير والأشجار والسمسم وعلى الماعز والنحل وجاء أن قرية كسلا كانت مزدهرة وأراضيها خصبة .

ناحية بيت عطاب

من المعروف أن مدينة الخليل كانت مقسمة في العهد العثماني إلى نواح وهي :

1ـ ناحية الخليل ـ مدينة الخليل .

2ـ ناحية بيت جبرين .

3ـ ناحية عمامه .

4ـ ناحية العرقوب .

وفي عام 1915م جرت تغييرات ومسميات على النواحي لتصبح كما يلي :

1ـ مدينة الخليل وحارتها .

2ـ ناحية جبل الخليل وقراه .

3ـ ناحية بيت جبرين وقراها .

4ـ ناحية بيت عطاب وقراها .

وللأهمية ولقلة المعلومات عن هذه الناحية أنقل للقارئ الكريم أسماء قرى ناحية بيت عطاب من الوثائق العثمانية وهي : زكريا ، بيت نتيف ، بيت جمال ، جراش ، دير أبان ، كسلا ، عقور ، دير الشيخ ، دير الهوى ، سفلى ، علار ، راس أبو عمار ، جعبة ، حوسان ، نحالين ، واد فوكين ، بالإضافة إلى قرية بيت عطاب .

وثيقة عام 1925م

الوثائق مهمة والوثيقة التي بين أيدينا تعتبر من اهم المصادر التي تمدنا بالحقائق والمعلومات عن اسماء أهالي قرية كسلا الذين تزيد أعمارهم عن خمسة وعشرين عاماً سنة 1925م وذلك لانتخاب أعضاء المجلس الإسلامي الأعلى في القدس الشريف .

وإليكم الأسماء التي كان يحق لأصحابها الاقتراع : أحمد عيسى عواد ، حسين أحمد عيسى ، عودة أحمد عيسى ، محمد أحمد عيسى ، اسعد موسى عواد ، صالح اسعد موسى عواد ، ابراهيم يوسف عواد ، علي يوسف عواد ، عبد الحميد يوسف عواد ، إبراهيم محمد عبد الرحمن ، العبد محمود عبد الرحمن ، أحمد شحادة عقل ، حمدان شحادة عقل ، محمد شطارة أحمد ، محمود محمد شطارة ، عبد الله العبد ياسين ، محمد حسن ناصر ، مرشد علي إسماعيل ، رشيد علي إسماعيل ، إسماعيل خليل ناصر ، ذيب حسين ناصر ، حسين أحمد ناصر ، يوسف إبراهيم ناصر ، موسى إبراهيم ناصر ، محمد حسين علان ، حسين أحمد مصطفى ، محمد حسين أحمد ، مصطفى الحاج إسبيتان ، سليمان الحاج إسبيتان ، محمد الحاج اسبيتان ، يوسف الحاج اسبيتان ، موسى الحاج اسبيتان ، محمود الحاج اسبيتان ، عبد الله الحاج اسبيتان ، أحمد حسين الأعرج ، خليل حسين الأعرج ، حسين العبد حشمة ، يوسف العبد حشمة ، مصطفى أحمد حشمة ، محمد علي عدوي ، سليمان محمود عدوي ، أحمد ابراهيم حسن ، إبراهيم أحمد إبراهيم ، حسين خليل حسين ، مصطفى خليل حسين ، محمود عمر عادي ، أحمد محمود عمر ، إبراهيم عمر عادي ، مصطفى عفانة سليمان ، موسى مصطفى وقاد ، حسن محمد وقاد ، عبد العزيز حسن محمد وقاد ، محمد حسن محمد وقاد ، ذيب عبد الحليم عياد ، عياد عبد الحليم عياد ، أحمد بن أحمد أدعيق ، محمود أحمد أدعيق ، العبد صالح حمد ، موسى صالح حمد ، إبراهيم علي حمد ، عثمان علي حمد يوسف علي حمد ، محمد علي حمد ، شحادة عبد الله حمد ، الشيخ حسن ناجي ، عبد الله حسن ناجي ، عليان علي ناجي ، حسين علي ناجي ، عبد الله ادعيق أحمد ، عبد المنعم العموري ، صالح عبد المنعم العموري ، ابراهيم عبد المنعم العموري ، يوسف أحمد العموري ، عبد الله خليل حرب ، يوسف خليل حرب ، خليل أحمد حرب ، حسن اسماعيل عليق ، محمد اسماعيل عليق ، حسين مرعي نمر ، عبد الله محمد عطا الله ، أحمد عطا الله صبح ، حسين أحمد عطا الله ، حسن أحمد عطا الله ، أحمد إبراهيم حسين ، محمد عبد الرحيم حسين ، محمود عبد الرحيم حسين ، موسى عبد الرحيم حسين ، مصطفى الناجي بن علي ، محمد عبد الرحمن عطا الله .

واختتمت الوثيقة بعبارة أن ذكور قريتنا كسلا البالغ سنهم من الخامسة والعشرين فصاعداً قد بلغ عددهم (91) شخصاً وعليه صار تصديق هذا الدفتر التاريخ 15/11/1925م ووقع الوثيقة خمسة اختيارية بأختامهم وهم : محمد حسين ، أحمد محمد حسين عدوان ، إبراهيم يوسف ، محمود أعمر ، وكان الختم الأخير باسم مختار ثاني قرية كسلا والوثيقة من ثمانية أوراق مع الغلاف .

خرب القرية

تعتبر قرية كسلا كباقي القرى الفلسطينية التي تزخر بما يوجد في أراضيها من آثار ومعالم وهذا لآثار موجودة في خرب القرية الكثيرة ومن هذه الخرب :

1ـ خربة السكر : وهي إلى الجنوب من القرية ووجد فيها آثار فخارية وأساسات قديمة منها رومانية .

2ـ خربة المتراز ( المدراج ): وجد في هذه الخربة آبار رومانية .

3ـ خربة الحرايق : وجد فيها فخاريات قديمة .

4ـ خربة البصل : وجد فيها آثار رومانية مع أساسات لأبنية قديمة .

5ـ خربة نبهان : وتقع في الجنوب الشرقي للقرية وبها آثار رومانية .

6ـ خربة صرعة : وهي منتصف أراضي القرية من الجهة الشرقية .

7ـ خربة شوفة : للشرق من خربة صرعة وترتفع عن سطح البحر 694 متراً .

الحياة الاقتصادية

كغيرها من القرى الفلسطينية كانت كسلا خصبة بمزروعاتها ومساحة الأراضي المفتلحة في القرية عام 1945م منها (2265) دونماً لزراعة الحبوب و(2705) دونمات صالة لزراعة كل شيء و(440) دونماً مزروعة بالبساتين المروية لكثرة العيون فيها و(203) دونمات زرعت زيتون وفيها أراضي كثيرة مليئة بالأشجار الحرجية والخروب والزعرور والعناب والبلوط ناهيك عن كثر الأعشاب البرية مثل الزعتر والميرمية والأعشاب الطبية … إلخ .

وقد أهتم الأهالي بزراعة المحاصيل الشتوية مثل القمح والشعير والفول والبازيلاء والكرسنة وكذلك المحاصيل الصيفية مثل الذرة والسمسم والحمص وكان للمقاثي دور هام في الزراعة فكانت الأراضي تزرع بالخضروات مثل البندورة والخيار والفقوس والخس والبامية واللوبيا والفاصولياء والكوسا واليقطين والزهر البلدي وذلك لوفرة المياه وأيضاً اهتموا بزراعة الأشجار لا سيما العنب والتين والزيتون والخور واللوزيات والتوت والرمان والسفرجل والتفاح وخصوصاً التفاح السكري والصبر .

وزرع بالقرب من العيون النعنع والبقدونس والبصل الأخضر والباذنجان والفجل والجزر واللفت … إلخ .

عيون الماء

عيون الماء في كسلا كثيرة وخصوصاً التي تنفجر أيام الشتاء لكثرة الأمطار وعلى شكل ينابيع منها من يستمر حتى الصيف وهناك عيون دائمة منها :

1ـ عين البلد والمعروفة باسم عين كسلا .

2ـ عين الجب وهي أيضاً عين البلد .

3ـ عين العرب وهي للرعيان والأغنام والأبقار .

4ـ عين المتراز .

والقرية بين واديين كبيرين هما : واد اسماعيل جنوب القرية وواد السد في الشمال بالإضافة إلى واد كبير في القرية أسمه واد عين العرب وهو في غرب أراضي القرية وكذلك الواد الشامي .

الثروة الحيوانية

بقدر اهتمام أهالي كسلا بالزراعة اهتموا بالثروة الحيوانية لكن خفت تربية الأغنام في القرية مع بداية 1935م لكن البغال والأبقار والحمير والجمال استعملوها للحراثة أما الأبقار كان يستفاد من حليبها ولحومها لكن الحمير والبغال استعملت كوسائط نقل ولم يخل بيت من هذه الحيوانات وكان لأهل القرية اهتمامهم بتربية الدجاج والحمام وكان منتوج العسل في القرية يفي حاجتها وكان في كسلا عدد من الدكاكين ونجار بلدي لتصليح المحاريث الزراعية ، وكان اهالي القرية ويسوقون منتجاتهم الزراعية إلى أسواق القدس والرملة .

أما بالنسبة للأغنام والأبقار ولكثرة الأبقار كان رعاة العجال في القرية أي رعاة البقر، وتؤكد الرواية الشفوية أيضاً أن كثير من أهالي القرية خرجوا من كسلا ومعهم أغنامهم وكان عدد من قطعان الأغنام يزيد عن (200) رأس من الغنم أمثال عبد الله وأخيه عبد الرحمن ياسين ومصطفى حسن ياسين وما زال عدد من أبناء كسلا حتى اليوم لهم أغنام تزيد قطعانهم فوق (200) رأس من الغنم وهم في منطقة بتين والأغوار وعين يبرود ودير دبوان .

المسجد

كان في كسلا مقام صغير وهو المسجد اسمه الشيخ أحمد وكان في نهاية العهد العثماني وبداية الانتداب البريطاني الذي يقوم بالصلاة فيه إماماً الشيخ حسن ناجي حسبة لله وكان مختار وكانت الصلاة تقام في الغالب في الساحات وكذلك صلاة الجمعة وكان يؤذن ويؤم الناس أحياناً الشيخ حسن عليق عياد .

وفي رسالة بعثها الشيخ كامل السوافيري الواعظ في المنطقة إلى حضرة وكيل المعاهد الدينية جاء فيها أنه في شهر تموز من العام 1935م قد زار (12) قرية ومنها كسلا وقال في الرسالة أنني زرت قرية كسلا بتاريخ 11و12 تموز عام 1935م وقد أجتمعت صدفة في القرية بالشيخ خليل المحسيري والشيخ عبد الله المحسيري فأرسلنا رسولاً لأهل القرية فنادى بأعلى صوته فحضر الكثير وحض عموم الموجودين على التشبث بالأرض وتحدث هؤلاء المشايخ في أمور مختلفة ويوجد في كسلا أراض للأوقاف منها قطعة أرض بها عين ماء ومشجرة زيتون ومساحتها عشرة دونمات .

الأفراح في القرية

لا أتحدث عن التقاليد والعادات في الأفراح في كسلا لأنها نفس العادات والتقاليد في القرى المجاورة لكن أحببت أن أقرأ وثيقتين منم شهادات خلو موانع الزواج وذلك عام 1919م وجاء في الوثيقة الأولى المرسلة إلى حاكم الشرع بالقدس الشريف وفيها أن محمد حسين علان من اهالي قرية كسلا التابعة إلى مدينة خليل الرحمن راغب نكاح البنت البكر أمينة بنت احمد صلاح من اهالي قرية دير ياسين والبالغة من العمر ستة وعشرين سنة وهي ليست مخطوبة ولا يوجد محذور من إجراء العقد حسب الأصول ، الوثيقة مختومة من مختار دير ياسين محمد بن خليل ومن أمام المسجد .

أما الوثيقة الثانية فهي موجهة لجانب الحاكم الشرعي في خليل الرحمن وفيها يعرض اختيارية ومختارو قرية الجديرة أن إبراهيم بن عمر عادي من اهالي قرية كسلا التابعة لقضاء الخليل راغب نكاح البنت البكر البالغ ذيبة بنت عبد الله محمود برجس من اهالي قريتنا الجديرة التابعة لقضاء القدس وكان وليها الشرعي أخيها محمد حيث ولا يوجد مانع شرعي من اجل الزواج بينهما صار إعطاء هذه المضبطة وعليها ثلاث أختام بالأسماء .

الانتداب البريطاني

بعد الاحتلال البريطاني لفلسطين وانتهاء الحرب العالمية الأولى وهزيمة الدولة العثمانية في المنطقة ، قامت بريطانيا برسم خطط وأفكار لتجعل من نفسها دولة انتداب وليس احتلال وبعثت بأفكارها إلى عصبة الأمم في نيويورك في السادس من تموز عام 1921م وقد صادقت عصبة الأمم على الخطط والأفكار وجعل بريطانيا دولة انتداب على فلسطين وقد عرفت دولياً هذه القرارات باسم ( صك الانتداب ) الذي تكفل بقيام دولة لليهود على فلسطين تنفيذاً لوعد بلفور وبدأت هجرة اليهود إلى فلسطين وبدأ النضال الفلسطيني ضد الانتداب البريطاني وضد هجرة اليهود من أجل الحفاظ على وطنهم والوقوف ضد الوطن القومي لليهود في فلسطين والوقوف ضد الأعمال الظالمة التي مارسها الانتداب بحق أبناء فلسطين وأعلن الشعب الفلسطيني الأضراب الشامل عام 1936م والذي أستمر ستة شهور تعبيراً عن الغضب الشعبي لأهل فلسطين ضد حكومة الانتداب  وقد شاركت قرية كسلا بذلك ، وأصبحت القرية ملجأ للقائد عبد القادر الحسيني ورفاقه وكانت تعتبر من الأمكنة الآمنة وكان عدد من أبناء القرية ضمن الجماعة المقربة للقائد عبد القادر رحمه الله ، وأستمر أهالي القرية بمساندة الثورة على الرغم من قلة السلاح واستمروا بالمساعدة للثوار علناً وسراً حتى بداية عام 1948م قدموا المساعدات والنجدات للثوار في معارك باب الواد .

التهجير والرحيل

أجمعت الرواية الشفوية قولها إن التهجير والترحيل من القرية كان سببه المدافع والدبابات التي أطلقت على كسلا ولولا ذلك لما خرجنا من ديارنا ونحن نفتقر إلى السلاح وكانت هجرتنا إلى الخرب البعيدة في القرية لنكون بعيدين عن مرمى المدافع ومن اجل الرجوع إليها لكن وصلت إلينا ضربات المدافع ثم انتقلنا إلى قرية دير الهوى ومنا من وصل إلى قرى دير أبان وسفلى وجراش وبيت نتيف وما هي إلا أسابيع حتى هاجر الجميع فانتقلنا إلى قرى خاراس وصوريف وبيت أمر ومكثنا هناك صابرين ننتظر الفرج من الجيوش العربية التي وصلت ثم رحلت ، ووصل إلى مسامعنا عن تدمير القرية فانتقلنا إلى مخيمات اللجوء في الخليل وبيت لحم وأريحا ومنا من سكن في القرى والمدن تاركين الأرض والبيوت أعز ما يملكون بقوة السلاح وبمخطط ممنهج لإقامة دولتهم ، وهكذا ترك أهالي كسلا الغالي والنفيس خلفهم مقدمين الشهداء والجرحى ومن الشهداء محمد حسين أحمد وموسى عبد الله حسن ومحمد مرعي ، على أمل العودة إلى قريتهم الحبيبة كسلا .

وأخيراً

إن ما قدمناه في هذه الحلقة المتواضعة لا يفي قرية كسلا وأهلها حقهم ونأمل من أهلها ومثقفيها وكل المهتمين من أبنائها أن يجمعوا تاريخ وتراث هذه القرية ليدون في كتاب نفيس ولا يسعنا إلا أن نتقدم بالشكر للأخ عبد الكريم نمر محمد عواد (أبو نضال) الذي كان سبباً في إظهار هذه الحلقة والشكر موصول إلى أسرة مؤسسة إحياء التراث وأسرة مكتبة بلدية البيرة العامة وأسرة مكتبة القطان في رام الله لجهدهم الصادق في إعطاء المعلومة .



اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

طيرة حيفا الفلسطينية في عهد الدولة العثمانية – الجزء 2/2

إعداد الباحث عباس نمرعضو اتحاد المؤرخين العرب لقد تحدثنا في الحلقة الأولى حول المقدمة والموقع ...