شــــذرات 32 – فذكر إن نفعت الذكرى

فذكر إن نفعت الذكرى

شــــذرات

الشيخ عباس نمر

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

حُسـن الظـن

قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه في إحدى خُطبه:

لا يرجون أحد إلا ربه، ولا يخافن إلا ذنبه ولا يستحيين إذا سُئل عما لا يعلم أن يقول: لا أعلم! ولا يسحيين إذا لم يعلم الشيء أن​​ يتعلمه.

ومن أقواله رضي الله عنه:

حُسن الظن .. ألا ترجو إلا الله ولا تخاف إلا ذنبك.

عـزّة السـلطان

سمع رجل عمر بن عبد العزيز كلاماً قبيحاً وهو خليفة للمسلمين. فقال له: أردت أن يستفزّني الشيطان بعزة السلطان .. فأنا منك اليوم مثل ما تناول مني غداً .. والله لأعفونّ عنك، فاذهب راشداً.

القنـاعة والرضـى

أنشد الخليل بن أحمد الفراهيدي، يحض على القناعة والرضا والاقتصاد:

إن لم يكن لك لحمٌ

كفاك خـلٌّ وزيتُ

أو لم يكن ذا وهذا

فكِســرةٌ وبيـتُ

تظلّ فيـه وتأوي

حتى يجيئُـك موتُ

هذا عفـافٌ وأمنٌ

فلا يغـرّك "ليـتُ"

بُعـد​​ نظـر

قال ابن عباس رضي الله عنهما:

لا أعول أهل بيت من المسلمين شهراً أو جمعة أو ما شاء الله، أحب إلي من حجة بعد حجة، ولطبق بدانق أهديه إلى أخٍ في الله، أحب إليّ من دينار أنفقه في سبيل الله عز وجل.

دعـاء الفـرج

اللهم احرسني بعينك التي لا تنام، واكنفني بركنك​​ الذي لا يرام، واحفظني بعزك الذي لا يضام، واكلأني في الليل والنهار، وارحمني بقدرتك علي. أنت ثقتي ورجائي، يا ذا المعروف الذي لا ينقضي أبدا ويا ذا الجلال الذي لا يبلى أبدا، ويا ذا النور الذي لا يطفأ سرمدا، أسألك أن تكفيني شر كل ذي شر، وأسألك فرجاً قريباً وصبراً جميلاً، وأسألك العافية من كل بلية .. اللهم بك أستدفع ما أنا فيه، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

 

الحاسـد

الحاسد خلقه اللؤم، ولذته الوشاية بين الناس فلا ينفعك يدس للرجل الناجح حتى يشوه عليه سمعته، أو يجعل منه إنساناً فاشلاً مثله. فالحسود إنسان فقد الثقة برية، واستشعر العجز عن تحقيق غاياته.

منتـهى البـر

أجمل ما وصف والد ولداً في البر والإحسان قول عمر بن ذرّ لما سئل عن ابنه: كيف بِر ابنك بك؟؟ قال: ما مشيت نهاراً قط إلا مشي خلفي، ولا ليلاً إلا مشى أمامي، ولا رقى سطحاً وأنا تحته.

وفيما يروي الترمذي عن برّ الوالدين قوله​​ : "رضا الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخط ​​ الوالدين". ما كان ذلك في غير معصية، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

اللبــاس

قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إياكم أن تلبَسوا ألبسة مشهورة أو محقورة".

وقال حكيم: البسوا​​ من الثياب ما تستحسنه الملوك والسوَقة، فإن تغيرت بأحدكم حال لم يعلم به أحد.

وقال آخر: البس مالا يزدريك به السُفهاء ولا يعيبك به العلماء.

حسـان الوجـوه

قيل للحسن البصري رحمه الله: ما بل المتهجدين بالليل من أحسن الناس وجوهاً؟ فقال: "لأنهم حلوا بالرحمن، فألبسهم نوراً من نوره".

وكان أبو بكر الصديق​​ ​​ يقول: "يا أيها الناس قوموا إلى نيرانكم فأطفئوها".

نصـائـح

لا خير في ود امرئ

حلو اللسان وقلبه يتلهب

يعطيك من طرف اللسان حلاوة

ويروغ منك كما يروغ الثعلب

يلقاك يحلف أنه بك واثق

وإذا توارى عنك فهو العقرب

واحذر مصاحبة​​ اللئيم فإنه

يعدي كما يعدي السليم الأجرب

واحذر من المظلوم سهماً صائباً

واعلم بأن دعاءه لا يحجب

 

حُسن الظن بالله ..

لما حضرت الوفاة أمير المؤمنين (عمر بن العزيز) – رحمه الله – جاءه صهره مسلمة بن عبد الملك معاتباً له بأنه لم يترك لولده شيئاً من المال، فانتفض​​ وقال أجلسوني. ثم قال: الحمد لله، أبِالله تخوفني يا مسلمة؟! إنما بنو عمر أحد رجلين: رجل اتقى الله فسيجعل الله من أمره يُسرا، ويرزقه من حيث لا يحتسب. ورجلٌ غيّر وفجر، فلن أكون أول من أعانه بالمال على معصية الله. ثم قال ادعوا لي بَني، فجاء بضعة عشر رجلا. فصعد​​ فيهم بصره دامعاً ثم قال: يا بنيّ .. إني تركتكم من الله بخير، وإنكم لا تمرون على مسلم ولا معاهد إلا ولكم عليه حق واجب إن شاء الله. أي بني .. إني بين أمرين: أن تستغنوا ويدخل أبوكم النار، أو تفتقروا ويدخل أبوكم الجنة، فكان أن تفتقروا ويدخل الجنة، أحب إليه من​​ أن تستغنوا ويدخل النار.

قائمتــان

قُدّمت لأحد الملوك قائمة بأسماء الخدم الذين يصلحون لخدمة القصر، وقائمة أخرى بأسماء الذين يُستغنى عن خدمتهم، توفيراً للنفقات والمصاريف الزائدة .. تناول الملك القائمتين، وتأمّل بهما ثم قال: لِيبق كل شيء على حاله دون تغيير،​​ لأن القائمة الأولى أحتاج إليهم، وأما القائمة الثانية فإنهم يحتاجون إليّ.

تيجــان العـرب

ذُكرت العمائم عند أبي الأسود الدؤلي فقال: العِمامة خير ملبوس: جُنة في الحروب، وواقية في الأحداث، مُسكنة من الحر، مدفئة من البرد .. وقارٌ في النديّ، وزيادة في القامة، وهي تُعد من تيجان العرب.

بلاغـة امـرأة

مرّت امرأة من العرب بمجلس من مجالس (بني نُمير) فرماها جماعة منهم بأبصارهم، فوقفت ثم قالت: يا بَني نُمير .. لا أمر الله أطعتم، ولا قول الشاعر سمعتم. قال الله تعالى: "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم".

وقال الشاعر جرير:

فغُض​​ الطرفَ إنك من نُمير

فلا كعباً بلغت ولا كلابا

فما اجتمع منهم بعد ذلك اثنان في مجلس.

لا بر أبلغ من الإخلاص

سئل حكيم: هل يقدر الإنسان على عمل البر في كل حين؟ قال: نعم. لأنه لا بر أبلغ من الإخلاص في الشكر لله تعالى وتطهير النية من الفساد. وهذا مطلوب منه كل​​ حين.

 

أدق من الشعرة ...

الصحابي الجليل (أنس بن مالك) – رضي الله عنه – خدم رسول الله​​ ​​ عشر سنين، وشهد معه المشاهد كلّها بعد بدر، وعَمّر طويلاً نَيّف على المائة عام .. يقول لأصحابه في زمانه: "ما مِن رجلٍ أسلم على عهد النبي​​ ​​ إلا أمسى من يومه ذاك، وإسلامه​​ أحبّ إليه من الدنيا وما فيها .. وكان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران، عُدّ فينا ذا شأن .. ويحذّرهم قائلاً: إنّكم لتعملون أعمالاً هي أدقُّ من الشعرة في أعينكم، كُنّا نعدّها من الموبقات على عهد رسول الله​​ .

ضرب بهم المثل

قال أبو هلال: من العجب أن العرب تمثّلت​​ في جميع الخصال بأقوام جعلوهم أعلاماً فيها، فضربوا بهم المثل إذا أرادوا المبالغة فقالوا: أحلم من الأحنف بن قيس، وأجوّد من حاتم، وإبين من سحبان، وأعلم من دُغفل، ولم يقولوا: أعقل من فلان. وذلك لأنهم لم يستكملوا عقل أحد.

جلسـاء أمنـاء

قال أحد ​​ الصالحين: خرجت​​ يوماً أزور المقابر، فرأيت (البهلول) – وهو أحد المجانين العقلاء الذين تجري الحكمة على لسانهم – فقلت له: ما تصنع ها هُنا؟! قال: أجالس قوماً لا يغدرونني، وإذا غفلت عن الآخرة يُذكّرونني، وإذا غِبت لا يغتابونني.

 

إشارات على الطريق

سبحان مَن لا يمنعه عظيم سلطانه، مِن أن ينظر في صغير سلطانه.

مَن عرف الدنيا زهد فيها، ومَن عرف الآخرة رغب فيها، ومن عرف الله آثر رضاه، ومن لم يعرف نفسه فهو مِن دينه في غرور.

مَن نظر إلى الدنيا نظرة إرادة وحُب لها، أخرج الله نور اليقين والزهد من قلبه.

 

من عوامل الهدم

جاء في الأثر أن أمير​​ المؤمنين عمر بن الخطاب قال لرجل من المسلمين: أتدري ما يهدم الإسلام؟! زّلة عالم، وجدال منافق بالقرآن، وأئمة مضلّون.

اللهم

اللهم نور بصائرنا،ونق سرائرنا ،وذك ضمائرنا وأحينا مستورين وتوفنا مستورين وابعثنا مستورين غير خزايا ولا مفتونين ،ولا ضالين ولا مفضلين برحمتك يا أرحم الراحمين ،اللهم آمين يا رب العالمين .​​ 

 

 

أخاف عليك النار

قال عمر بن عبد العزيز لعمر بن علقمة: أخال عليك النار! فقال: لكني لا أخافها. قال: لم؟ قال: لأن الله تعالى يقول: "لا يصلاها إلا الأشقى الذي كذب وتولى"

وأنا صدّقت وأقبلت

من أقوال الصالحين

شرّ الزمان زمانٌ يُخفى فيه العالم علمه خوفاً من الجهال، وإشفاقاً من أن يُعاب عليه.

الأدب النافع أن تتعظ بغيرك ولا يتعظ غيرك بك

موت الأبرار راحة لهم، وموت الأشرار راحة للعالم.

كل شيء إذا كثر رخص إلا العقل.

الإخلاص

لا يكونن هم أحدكم كثرة عمله، ولكن في الإخلاص فيه ... فقال له الرجل: وما السبيل إلى الإخلاص؟ قال: (خفِ الله لقدرته عليك، واستحُي منه لقربه منك، وإذا استطعت أن لا يشغلك عن الله تعالى أحدٌ فافعل، وإياك أن تطلب حوائجك ممن أغلق دونك أبوابه، وعليك بمن أمرك أن تسأله، ووعدك الإجابة).

فصاحة الخليل

كان الخليل بن أحمد الفراهيدي، من أزهد الناس، رواية ومحدثاً وشاعراً زيادة على تخصصه بوضع علم العروض، وبحور الشعر، وقد جمع أحرف اللغة العربية كلها في بيت من الشعر، وتفرد بذلك بالسبق، فقال من البحر "البسيط":

 ​​ ​​ ​​​​  ​​ ​​ ​​ ​​​​ صِف خلق خودٍ كمثل الشمس إذ بزغت

 يحظى الضجيع بها نجلاءً مِعطارِ

إيثــار

كان لأحد ​​ الصالحين صديق، فقيل له: إن هذا الصديق يشتمك، فقال : هو مني في حلّ ​​ ، فقيل له: ولِم؟ قال: ما أحبّ أن يُثقل الله عز وجل ميزاني بأوزار إخواني.

اللهم

اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت ، ومن شر ما لم اعمل ،يا رحيم الدنيا​​ والآخرة اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم انك أنت الأعز الأكرم اللهم آمين يا رب العالمين . ​​ 

 

 

جاء في الحديث الصحيح عن رسول الله​​ ​​ أنه قال: (أكمل المؤمنين إيماناً أحاسنهم أخلاقاً، الموطؤون أكنافاً، الذين يَألفون ويُؤلفون، ولا خير فيمن لا يَألفُ ولا يُؤلَفُ).

يا ليت أبا بكر مثلك

عن معاذ بن جبل​​ ​​ قال: دخل أبو بكر الصديق​​ ​​ حائطاً وإذا بدبسى (نوع من أنواع الحمام الداجن) في ظل شجرة، فتنفس الصعداء، ثم قال: طوبى لك يا طير، تأكل من الشجر، وتستظل بالشجر، وتصير إلى غير حساب، يا ليت أبا بكر مثلك.

من أقوال الإمام علي

قال خليفة المسلمون الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه:

أعجب ما في الإنسان قلبه، فإن سنح له الرخاء أذله الطمع، وإن هاجه الطمع أهلكه الحرص، وإن ملكه اليأس قتله الأسف، وإن سعد بالرضا نسي التحفظ، وإن أتاه الخوف شغله الحذر، وإن اتسع له الأمن استلبته الغِرَّةُ، وإن​​ أصابته مصيبة فضحه الجزع، وإن استفاد مالاً أطغاه الغش، وإن عضته فاقة بلغ به البلاء، وإن جهد به الجوع قصد به الضعف، وإن أفرط في الشبع كظّته البِِطنة، فكل تقصير مضر، وكل إفراط له قاتل.

الرضا بقضاء الله

ولما قدم سعد بن أبي وقاص​​ ​​ إلى مكة، وقد كُفَّ بصره، جاءه​​ الناس يهرعون إليه، كل واحد يسأله أن يدعو له، فيدعو لهذا ولهذا، وكان مُجاب الدعوة.

قال عبد الله بن السائب: فأتيته وأنا غلام، فتعرفت عليه فعرفني، وقال: أنت قارئ أهل مكة؟ قلت: نعم. فذكر قصة قال في آخرها: فقلت يا عمَّ، أنت تدعو للناس فلو دعوت لنفسك، فردَّ الله​​ عليك بصرك! فتبسم وقال: يا بُنيَّ، قضاء الله سبحانه عندي أحسن من بصري.

دعاء الرزق

اللهم

إن كان رزقي في السماء فأنزله وإن كان رزقي في الأرض فأخرجه

وإن كان بعيداً فقربه وإن كان قريباً فسهله

وإن كان معسراً فيسره وإن كان حراماً فطهره

وإن كان حلالاً فبارك لي​​ فيه

يا رب العالمين

1

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

شــــذرات 33 – فذكر إن نفعت الذكرى