ساقيه – احدى قرى يافا المهجرة

من​​ قرى النكبة المهجرة

ساقية (ساكية)​​ أحدى قرى​​ يافا

 

إعداد​​ الباحث عباس نمر

عضو اتحاد المؤرخين العرب

 

التاريخ لا يعرف صراعاً منذ القدم كما هو الصراع على فلسطين لأن فلسطين بعمقها التاريخي​​ هي الأرض المباركة أرض الأنبياء ومهبط الرسالات التي قامت من أجل خير البشر مع سلامهم المادي والروحي.

وبدأ الواقع الصعب للأرض منذ​​ الاحتلال​​ البريطاني عليها عام 1917م ، لهذا كانت بدايات القرن الماضي مأساة حيث مهد​​ الانتداب​​ البريطاني سياسياً وعسكرياً واقتصادياً للذي حصل لشعب فلسطين عام 1948م من نكبة وما رافقها من مجازر وتهجير وطرد لأهلها على طريقة التطهير العرقي من قبل اليهود أمام مرأى ومسمع العالم كله ، انها النكبة والمأساة التي تفوق ما يمكن أن يصدقه العقل أو يتصوره خيال وفي الوقت الذي يحيي الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات الذكرى الخامسة والستين لنكبتهم سنحاول من خلال هذه الحلقة مشاركة أبناء شعبنا في تسليط الضوء ولو بصورة مقتضبة تهدف إلى إعطاء صورة عن تاريخ قرية​​ ساقية​​ على الرغم من صغرها لكنها صاحبة تاريخ وتراث مثلها مثل المدن والقرى الفلسطينية التي أصابها التطهير العرقي وذلك يوم​​ 28/4/1948م​​ وها نحن في مساء 9/2/2015م التقينا السيد صبحي حسين حسن محمد الشيخ حسن (أبو هاني) وأسرته الكريمة في بيته العامر في أبو ظبي عاصمة دولة الإمارات العربية وكان يرافقني زوجتي وأنجالي محمد ونمر وما أن علم السيد أبو هاني أن هذا اللقاء تحول للحديث عن قريته​​ ساقية​​ (ساكية) حتى​​ انفرجت​​ أسارير وجهه على الرغم من أنه مواليد عام 1954م أي ما بعد النكبة لكن راح يبوح لنا بما يكنزه من معلومات قيمة ومن أشواق لاهبة عن مسقط رأس الآباء والأجداد وينقلها عن​​ والديه وأقاربه وأبناء قريته​​ برواية شفوية وعلى قناعة بالعودة إن شاء الله مهما طال الغياب ، انه عشق أبدي لقريته الحبيبة​​ ساقية​​ .

واليوم وفي هذه الحلقة المتواضعة تحدثكم​​ ساقية​​ عن نفسها ​​ صانعة مما قطفناه من ابنها أبو هاني جامعين الرواية الشفوية والمكتوبة من وثائق عثمانية وبريطانية​​ وفلسطينية بالإضافة إلى الموسوعات والمجلدات مثل موسوعة بلادنا فلسطين للمرحوم مصطفى الدباغ ومجلد ​​ كي لا ننسى للدكتور وليد الخالدي ومجلدات الدكتور سلمان أبو ستة عاملين منهم تاريخاً موجزاً عن قرية​​ ساقية​​ ولا شيئ أخطر على الإنسان من أن يكون جاهلاً بالتاريخ ونحن أبناء هذا الوطن​​ .

الموقع

(​​ ساقية​​ أو​​ ساكية​​ )​​ هي أحدى قرى​​ يافا المدمرة​​ والواقعة إلى الشرق​​ منها​​ مع​​ انحراف​​ بسيط إلى الجنوب وأيضاً هي على بعد ثمانية كيلومترات عن يافا عروس البحر ، وساقية​​ جنوب طريق يافا​​ ـ اللد وتتربع هذه القرية على أرض حمراء زراعية في السهل الساحلي الأوسط ومتوسط​​ ارتفاعها​​ عن سطح البحر (25) متراً.

التسمية

تقول غالبية الرواية الشفوية أننا ورثنا هذا الاسم (ساقية​​ أو ساكية)​​ عن الآباء والأجداد​​ وهناك أقوال تنقلها الرواية الشفوية أن قريتهم في الأزمان القديمة كانت مياهها مشهورة بعذوبتها وتسقي القرى المجاورة​​ لذلك أطلق عليها اسم ساقية​​ ، وجاء في موسوعة بلادنا فلسطين للمرحوم مصطفى الدباغ أن​​ ساقية​​ كلمة عربية بمعنى المياه الجارية التي تسقي الأرض والزرع واشتهر في فلسطين ثلاث مواقع باسم​​ ساقية​​ :​​ 

​​ ساقية​​ قضاء يافا والتي نحن بصددها .

​​ ساقية​​ الجرن وتقع إلى الجنوب من مدينة غزة مع انحراف قليل إلى الشرق .

​​ ساقية​​ القصر وتقع في الجنوب من مدينة غزة مع​​ انحراف​​ قليل إلى الغرب .

المساحة والحدود

بلغت مساحة أراضي قرية​​ ساقية​​ حسب وثائق​​ الانتداب​​ البريطاني عام 1945م (5850) دونماً أما الحدود فقد كان الجزء الشمالي منها على شكل مثلث لذلك يحدها من الشمال إلى الجنوب من جهة الغرب قرية الخيرية ومن الشمال إلى الجنوب جهة الشرق قرية كفر عانة ومن الجنوب بلدة بيت دجن​​ ، وفي أقصى الجنوب الشرقي بلدة السافرية​​ .

عدد البيوت المعمورة

جاء في الكتب المفصلة والتي تعتبر من أهم وثائق الأرشيف العثماني أن عدد البيوت المعمورة في قرية​​ ساقية​​ عام 1557م (46) بيت معمور وفي عام 1596م وصل إلى (49) بيت وفي​​ عام​​ 1910م​​ وصلت إلى​​ (91) بيت وعام 1931م أصبحت​​ (142) بيت وقدر أن عدد بيوت القرية عام النكبة 1948م أكثر من (200) بيت .

عدد السكان

جاء في كتاب الجغرافية التاريخية لفلسطين وواد الأردن وجنوب سوريا في القرن السادس عشر ، تأليف الاستاذ القدير الدكتور كمال​​ عبد الفتاح وزميله الدكتور هيتروت ، ويفيد الكتاب أن عدد سكان​​ ساقية​​ عام 1596م ـ1597م هو (270) نسمة وفي عام 1910م وصل عددهم إلى (484) نسمة منهم (250) ذكر و(324) أنثى​​ أما عام 1922م كانى عدد أهالي القرية (427) نسمة إرتفع عددهم عام 1931م إلى (663) نسمة كلهم مسلمون منهم (339) ذكراً و(324) أنثى ،​​ وقدر عددهم عام 1945م (1100) نسمة وفي عام​​ النكبة كانوا (1276) نسمة ومجموع​​ أهالي​​ ساقية​​ في عام 1998م حسب وكالة الغوث ومجلدات الدكتور سلمان أبو ستة هو (5999) نسمة والمجموع الكلي من نفس السنة 1998م (7838) نسمة ووصل عدد اللاجئون المسجلون من قرية​​ ساقية​​ عام 2008م (7689) نسمة ومجموع اللاجئين وفقاً لتقديرات 2008م هم (10595)​​ نسمة​​ .

أسماء الحمايل والعائلات

عرفنا من عائلات قرية​​ ساقية​​ كل من : الشيخ حسن ، النادي ، أبو سالم ، البدري ، عزيزة ، الجوهري ، عطا ، عبد العال ، حسين ، جابر ، عبد القادر ، الضليع ، اسماعيل ، الشيخ خالد ، أبو عماشة ، كوكع ، جوهر ، فودة ، الشيخ سليم ، أبو شحادة ، شحادة ، أبو القاسم ، أبو حبوش ، أبو زيد ، العبد شحادة ، أبو مزيونة ، شلباية ، الدميسي ، أبو عجمة ، عطية ، حامد ، طه ، العبد حسين ، سيدي أحمد ، أبو حشيش ،​​ الصعيدي ، الشيخ علي ، أبو حجر ، البحري ، أبو الفول ، عبد الساتر ، المصري ، حسن محمد ، السيد ، أبو عوض ، أبو عجوة ، أبو عماشة ، العملاق ، ياسين .

المخاتير

ظهرت وظيفة المختار في نهاية الحكم العثماني على فلسطين وكان في معظم القرى مختاران مختار أول ومختار ثاني في قرية​​ ساقية​​ كان الوضع كذلك لكن في فترة الانتداب البريطاني أصبح للقرية ثلاث مخاتير منهم :​​ 

​​ الشيخ عبد العال النادي​​ ـ​​ مختار أول.

2ـ الشيخ يوسف البدري .

3ـ المختار جاسر عطية حسين .

مضافات​​ 
أو دواوين​​ ساقية

كان في القرية في العهد العثماني مضافة واحدة​​ وأستمرت حتى بداية الأربعينيات ،​​ كثرت المضافات لكثرة العائلات وأصبح بيت المختار مضافة​​ وأما مضافة البلد كانت واسعة وهي عبارة​​ عن عقد ومساحتها أكثر من (60) متراً وكان للمضافة ناطور يقدم القهوة والشاي ويقوم بواجب الضيف وكانت المضافة مفروشة في الشتاء بفرش الصوف وفي الصيف الحصر وفيها المقاعد الأرضية من فرشات الصوف على جوانب الحائط وبكارج القهوة جاهزة دائماً لاستقبال الضيف وهي ملتقى كبار السن في القرية .

المسجد

كان في القرية​​ مسجد قديم صغير وتقام فيه الصلوات الخمس والجمعة والعيديين لكن في عام 1928م أسس مسجد جديد وبجانبه غرفة من اجل تعليم الأطفال وهذا المسجد مساحته حوالي (140) متراً وله قبة ومحراب ومكان للوضوء وله ساحة وكان الحاج سليم عبد المهدي عبد الرحمن إمام المسجد حسبة لله .

التعليم

كثير من كبار السن في قرية​​ ساقية​​ يلمون بالقراءة والكتابة منذ العهد العثماني وذلك لوجود عدد من مشايخ الطرق الصوفية مع شيوخ الكتاب لأن من اهتماماتهم التعليم وخصوصاً​​ القراءة والكتابة​​ وحفظ القرآن الكريم وكان الشيخ​​ سليم عبد المهدي عبد الرحمن شيخ الكتاب في القرية وبقي حتى أنشئت مدرسة للبنين عام 1935م وكان يدرس فيها حتى الصف الرابع وفي عام 1945م أصبحت حتى الصف السادس وللمدرسة أرض ومساحتها (16) دونماً وكان من إهتماماتها التعليم​​ الزراعي​​ ، وكان في المدرسة عام​​ 1945م​​ مكتبة تحوي​​ (133) كتاباً وبلغ عدد الطلاب من نفس السنة (136) طالباً وللمدرسة ملعب كبير لكرة القدم ، والمدرسة كانت تابعة لدائرة المعارف ومن مدرسيها :

1ـ الاستاذ محمد الخطيب من مدينة نابلس .

2ـ الاستاذ بكر اللداوي من مدينة اللد .

3ـ الاستاذ عاصم راغب الناشف .

وجاء في موسوعة بلادنا فلسطين للمرحوم الدباغ أن في قرية​​ ساقية​​ بها​​ (230) رجلاً يلمون بالقراءة والكتابة​​ وذلك عام 1945م​​ .

أهل​​ ساقية​​ وشهر​​ 
رمضان المبارك

لكل قرية تقاليد وعادات متشابهه خصوصاً القرى المجاورة وفي قرية​​ ساقية​​ قبل النكبة كان الرجال​​ غالباً ما​​ يفطرون في المسجد ولم تتوقف هذه العادة إلا بعد​​ التهجير​​ ، وكان الرجال يجتمعون قبل آذان المغرب في المسجد حيث يتناول المجتمعون طعام الإفطار معاً وكل رجل يأتي إلى المسجد يحمل معه أو يرسل بقدر استطاعته من أجل المشاركة في الإفطار وبعد​​ الانتهاء​​ يصلون فوراً صلاة المغرب ثم يشربون الشربات الموجود مثل عصير الخروب والسوس وبعدها يشربون القهوة حتى​​ انتظار​​ وقت العشاء من أجل صلاة العشاء والتراويح وصلاة الفجر يكون المسجد​​ مليء​​ بالمصلين .

قرية​​ ساقية​​ قبل أربع قرون​​ 

إرتأيت أن أقدم في هذه الحلقة​​ وثيقتين هدية لأهالي​​ ساقية​​ وذلك من القرن السادس عشر أي قبل أربعة قرون تقريباً .

​​ الوثيقة الأولى : وهي من مؤسسة إحياء التراث والبحوث الإسلامية في أبوديس والتابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية​​ وهي من الدفتر​​ المفصل لدفتر غزة​​ وناحية الرملة والوثيقة عبارة عن (12) سطراً​​ وفيها ما يلي :​​ 

ساقية​​ هي من أحدى قرى ناحية الرملة التابعة لقضاء غزة وذلك عام 1557م وجاء أيضاً أن​​ ساقية​​ عدد البيوت المعمورة فيها (46) بيت أما أرباب الأسر الدافعة لضريبة الزراعة فهم :​​ 

أحمد ولد شلالدي ، جمال ولد شلالدي ، خليل ولد عامر ، أحمد ولد عود ، علي ولد مذكور ، محمد ولد عيسى ، أحمد ولد عيسى ، خليل آخر ، علي ولد بصه ، محمد ولد بصه ، سليمان ولد يوسف ، عمر ولد شعبان ، عمر ولد عمر ، أحمد ولد عمر ، إبراهيم ولد عمر ، أحمد ولد محمد ، إبراهيم ولد حمدان ، حمدان ولد حمدان ، إبراهيم ولد عابد ، حسين ولد عبد الله ، إسماعيل ولد عبد الله ، أحمد ولد حاج علي ، إبراهيم ولد حاج علي ، علي ولد آخر ، علي ولد زيادة ، محمد ولد عطار ، أحمد ولد طابا ، محمد ولد خضير ، حسن ولد خضير ، حسن ولد صالح ، عمر ولد صالح ، أحمد ولد زيتون ، علي ولد ... ، شعبان ولد علي ، عثمان ولد عثمان ، جمعه جمعه ، جمعه ولد أو ، محمد ولد فضه ، أحمد ولد خليل ، أحمد ولد مريق ، علي ولد جمعه ، شعبان ولد علي ، جمعه ولد أبو علم ، عبد الله ولد أحمد ، إبراهيم ولد سار ، إبراهيم ولد خليل ، علي ولد عامر ، وفي القرية إمام واحد .

والقرية تدفع ضريبة الزراعة على الحنطة والشعير والقطن​​ والسمسم والتين والماعز والنحل ومجموع الضريبة (4600) أقجة ( والأقجة عبارة عن عملة عثمانية قديمة صنعت من الفضة كانت في بداية العهد العثماني غالية الثمن ) ونشاهد في الوثيقة أربعة قراريط من أراضي​​ ساقية​​ هي وقف حضرة خليل الرحمن وأيضاً ثلاثة قراريط حصة وقف أولاد​​ ناصر الدين قوماق​​ بالإضافة إلى حصة وقف أولاد​​ اليشبكي وقام بقراءة الوثيقة كل من خبير القراءة العثمانية القديمة عميد مؤسسة إحياء التراث والبحوث الإسلامية الأستاذ محمد الصفدي والآنسة بسمة العباسي مديرة قسم الوثائق العثمانية في المؤسسة .

2ـ الوثيقة الثانية : وهي من كتاب (الجغرافية التاريخية لفلسطين وواد الأردن وجنوب سوريا في القرن السادس عشر ) تأليف الأستاذ القدير الدكتور كمال عبد الفتاح وزميله الدكتور هيتروت ويفيد هذا الكتاب القيم​​ أن قرية​​ ساقية​​ في عام 1596م ـ 1597م هي قرية في ناحية الرملة لواء غزة ، وعد أرباب الأسر الدافعة لضريبة الزراعة هي (49) وكلهم مسلمون وكانت قيمة الضريبة الزراعية (33%) على القمح والشعير والقطن والسمسم والأشجار المثمرة وكروم العنب وقيمة الضريبة الزراعية في تلك السنة (14300) أقجة .

الحياة الاقتصادية

أهتم أهالي​​ ساقية​​ بزراعة الأرض ومن ثم تربية الحيوانات خصوصاً الأبقار والبغال والحمير وفي القرية عدد من الدكاكين الصغيرة وعمل كثير ​​ من أهالي​​ ساقية​​ موظفين .

الثروة الزراعية

أعتمد أهالي قرية​​ ساقية​​ في حياتهم​​ الاقتصادية​​ على الزراعة وبالدرجة الأولى على زراعة بيارات الحمضيات بكل أنواعها ومسمياتها ثم الزراعة الصيفية والشتوية بالإضافة إلى بعض المقاثي وكانت مساحة الأراضي التي استثمرت لزراعة الحمضيات والموز هي (2400) دونم تقريباً​​ ، أما للحبوب مثل القمح والشعير والفول والكرسنة والذرة والحمص ... إلخ قدرت بحوالي (2500) دونم وللخضروات والمقاثي منها المروية وغير المروية مثل البندورة والخيار والفقوس والبطيخ والشمام كانت حصتها حوالي (150) دونماً وزرعت الخضروات المروية داخل البيارات وذلك لكثرة المياه وقبل النكبة كان في​​ ساقية​​ أكثر من خمسين بيارة وكل بيارة لا تقل مساحتها عن (30) دونماً وكل بيارة فيها بئر ماء وبركة مساحتها لا تقل عن عشرة أمتار وتقول الرواية الشفوية أن المقاثي كانت للإكتفاء البيتي وكانت الأرض ما شاء الله منتجة ومعطاءة وآبارها​​ ارتوازية​​ .

الثروة الحيوانية

إلى جانب​​ اعتماد​​ أهالي​​ ساقية​​ على الثروة الزراعية اعتمدوا على الثروة الحيوانية في تيسير أمور حياتهم اليومية ، حيث كان لكل بيت معمور من بيوت القرية نصيب من الحيوانات الداجنة خصوصاً الأبقار والخيل والبغال والحمير أما المواشي كالأغنام والماعز كانت قليلة أما الأبقار فكانت تستعمل للحراثة بالإضافة إلى البغال وكذلك استعملت البغال والخيل كوسائط نقل وفي​​ ساقية​​ الكثير من العربات التي تجرها الخيل والبغال ، وفي القرية أكثر من عجال للأبقار .

وكان الرعي يجمع العجال صباحاً ليذهب بها إلى المراعي​​ وفي المساء يرجع بالبقر إلى صاحبه ، أما الطيور فكل بيوت القرية كانت تهتم بتربية الدجاج والحمام والبط والإوز والحبش وكانت بعض الأسر تهتم بتربية الأرانب وأسر أخرى تهتم بتربية النحل​​ للاستفادة​​ من عسلها .

دكاكين القرية ومحلاتها

كان في القرية أكثر من خمسة دكاكين وملحمة ومحلقتين وفرنين وكل بت تقرباً فيه طابون وكان خياط القرية الشيخ موسى ياسين وكان بيته محل للملبوسات العربية خصوصاً الرجالية وكانت خياطة القرية للنساء زينب حسين زوجة حسن الغول .

تهجير أهالي​​ ساقية

لقرب​​ قرية​​ ساقية​​ من مدينة يافا فقد شارك أهلها بكثير من النجدات ليافا والقرى المجاورة وفي 14 نيسان 1948م غادر الجيش البريطاني معسكر تل لتفنسكي​​ الواقع شمال القرية​​ دخل أبناء القرى المجاورة مع عدد من أهالي يافا​​ المعسكر​​ ، ثم وصلت قوات يهودية قوامها 17مصفحة ودبابتين وبدون سابق إنذار هاجموا​​ المتواجدين وقتل وأصيب الكثير منهم ، وبعد احتلال المعسكر جاءت قوات يهودية مساندة وسيطرت على الطرق المجاورة للمعسكر والطرق المؤدية إلى سلمة وساقية​​ والخيرية والعباسية وبيت دجن .

وهوجمت​​ ساقية​​ أكثر من مرة واستمر أهالي القرية بالدفاع عن قريتهم لكن لا ذخيرة ولا عتاد أمام الدبابات والمجنزرات​​ ، واستناداً إلى المصادر الإسرائيلية فقد هوجمت القرية واحتلت يوم 25/4/1948م ، لكن المصادر الفلسطينية​​ نفت ذلك ووكالة أخبار اسوشييتد برس أشارت إلى أن قرية​​ ساقية​​ احتلت​​ بعد ذلك ببضعة أيام وكان​​ الاحتلال​​ في 27ـ28/4/1948م مع قريتي الخيرية وكفر عانة .

هذا وقد شنت قوات الهاغاناة عملية عسكرية​​ لاحتلال​​ ساقية​​ والقرى المجاورة أطلق عليها أسم بيعور حميتس وأنضم تحت هذا​​ الاسم​​ ثلاثة ألوية عسكرية هي كرياتي ،​​ الكسندر​​ ،​​ فعاتي​​ ، وكان قائد الحملة دان ابيشتاين وهو أصلاً قائد لواء الاكسندروني وهاجمت وحداته الكسندروني فريتي​​ ساقية​​ والخيرية​​ واستولت​​ عليها وطرد اليهود جميع سكان القرية وذهب أهلها إلى القرى المجاورة لكن عمت البلوى أيضاً على هذه القرى.

وهكذا تشرد أهالي قرية​​ ساقية​​ بحثاً عن سبل العيش بعيداً عن الأرض أعز ما يملكون ولا يعلمون عن غدهم شيئاً وأصبح أهالي​​ ساقية​​ مكلومين وما زالت الذكريات في ألم وحسرة على أمل العودة .​​ 

أهالي​​ ساقية​​ اليوم

بعد تمير قرية ساقية والتطهير العرقي الذي حصل لهم هاموا على وجوههم وأصبحوا غارقين في الحيرة بما أصابهم بعد عزهم ، أفكارهم مشتتة تاريكن وراءهم أعز ما يملكون لاجئين في البقية الباقية من الوطن الغالي في قرى ومخيمات نابلس ورام الله والبيرة وأريحا ومنهم من سكن مخيمات الأردن وهم اليوم تقريباً في كل بلاد العالم يعيشون على أمل العودة إلى بلدتهم الحبيبة ساقية إن شاء ​​ الله .

وأخيراً

إن ما قدمناه في هذه الحلقة الصغيرة والمتواضعة لا يفي قرية​​ ساقية​​ وأهلها حقهم ونأمل من أهلنا أبناء​​ ساقية​​ أن يجمعوا تاريخ وتراث وجغرافية هذه القرية المضياف​​ لإكمال النقص واستدراك ما غاب لأن الذي عرض ما هو إلا النزر اليسير​​ من القليل القليل فمثلاً لم نتحدث عن الحياة الإجتماعية والأفراح والأتراح والأعياد والأزياء الشعبية للرجال والنساء والعادات والتقاليد ... إلخ ،​​ فعليكم​​ يا أهالي ساقية​​ تدوين ما تجمعون ليكون كتاباً نفيساً ، وشكري للأخ​​ صبحي حسين حسن أبو هاني​​ الذي كان سبباً في هذه الحلقة والشكر أيضاً​​ لأسرة​​ مؤسسة إحياء التراث في أبوديس التي زودتنا بالوثيقة القيمة عن​​ ساقية​​ والشكر موصول إلى كل من اسرة مكتبة بلدية البيرة العامة ومكتبة بلدية رام الله العامة ومكتبة القطان الذين ساعدونا في البحث المتواصل وتقديم كل العون عن الرواية المكتوبة في المراجع والموسوعات الفلسطينية .

 

2

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

طيرة حيفا الفلسطينية في عهد الدولة العثمانية – الجزء 2/2

إعداد الباحث عباس نمرعضو اتحاد المؤرخين العرب لقد تحدثنا في الحلقة الأولى حول المقدمة والموقع ...