شــــذرات 14 – فذكر إن نفعت الذكرى

فذكر إن نفعت الذكرى

شــــذرات

الشيخ عباس نمر

وزارة الأوقاف والشؤون الدينية

ـــــــــــــــــــــــــــــ

جاء في الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم​​ 
قال : ( من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له في الجنة نزلاً كلما غدا أو راح ) .

أخشى أن تكتب معصية لله

عن مالك بن انس قال : بعث أبو جعفر المنصور إليّ ووصل أبن طاوس سيد التابعين فأتيناه فدخلنا عليه ، فإذا به جالس على فرش قد نضّت ، وبين يديه أنطاع قد بسطت ، وجلاوزة بأيديهما السيوف يضربون الأعناق ، فأومأ إلينا أن أجلسا ، فجلسنا ، فأطرق عنا قليلاً ثم رفع رأسه والتفت الى ابن طاوس فقال له حدثني عن أبيك :قال : نعم ، سمعت أبي يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة رجل أشركه الله في حكمه ، فأدخل عليه الجور في عدله) ، فأمسك ساعة ، قال مالك : (فضممت ثيابي من ثيابه مخافة أن يملأني من دمه ، ثم ألتفت إليه أبو جعفر المنصور فقال عظني ، قال نعم إن الله تعالى يقول : ( ألأم تر كيف فعل ربك بعاد ، إرم ذات العماد ، التي لم يخلق مثلها في البلاد ، وثمود الذين جابوا الصخر بالواد ، وفرعون ذي الأوتاد ، الذين طغوا في البلاد ، فأكثروا فيها الفساد ، فصب​​ عليهم ربك سوط عذاب إن ربك لبالمرصاد ) ، قال مالك : فضممت ثيابي مخافة أن يملأها من دمه ، فأمسك ساعة حتى أسودَّ ما بيننا وبينه ثم قال : يا ابن طاوس ناولني هذه الدواة ، فأمسك ساعة عنه ، فقال ما يمنعك أن تناولنيها ؟ قال : أخشى أن تكتب بها معصية لله فأكون شريكك​​ فيها ، فلما سمع ذلك قال : قوما عنّي ، فقال ابن طاوس : ذلك ما كنا نبغي .

هل أخذت نصيبك

قال رجل لآخر : إن الحاكم قد أمر لكل مجنون بدرهمين ، فقال له : هل أخذت نصيبك ؟​​ 

الأعداء والأصدقاء

قال حكيم : انتفعت بأعدائي أكثر مما انتفعت بأصدقائي ، لأن أعدائي كانوا يعيرونني بأخطائي فأنتبه لها ، وأصدقائي كانوا يزينون لي الخطأ .

اللهم

اللهم إني أبرأ إليك من حولي وقوتي ، وألجأ إلى حولك وقوتك ، أحمدك إذ أوجدتنا من العدم ، وفضلتنا على كثير من الأمم.

 

جاء في الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه​​ وسلم​​ 
قال : ( من تطهر في بيته ثم مضى إلى بيت من بيوت الله ، ليقضي فريضة من فرائض الله ، كانت خطواته إحداها تحط خطيئة والأخرى ترفع درجة ) .

الناس سبع طبقات

سئل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن طبقات الناس فقال : الناس سبع طبقات:

الطبقة الأولى :​​ الفراعنة يدعون الناس إلى عبادتهم ، أما أنهم لا يأمرونهم أن يصلوا لهم ولا يصوموا ، ولكنما يأمرونهم بطاعتهم فيطيعونهم فبطاعتهم لهم في معصية الله جل ثناؤه قد أتخذوهم أرباباً من دون الله .

الطبقة الثانية : جبابرة أكلهم الربا والسحت .

الطبقة الثالثة : فساق قد​​ تشردوا من الدين كما يتشرد الشارد من الأبل .

الطبقة الرابعة : أصحاب الرباء ليس يعبدون إلا الدينار والدرهم .

الطبقة الخامسة : قراء مخادعون يطلبون الدنيا بزي الصالحين .

الطبقة السادسة : فقراء إنما هم أحدهم أن يشبع شيعة من الطعام لا يبالي أحلالاً أخذها أم حراماً.

الطبقة السابعة : الذين أثنى الله عز وجل عليهم فقال : (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً ) ثم قال كرم الله وجهه : ( والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، إنهم الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون ).

استعن بالله

كل عُسرِ إذا​​ استعنت بالله فهو يُسرٍ ، وكل يُسرٍ إذا اعتمدت فيه على نفسك أو أحد من خلق الله فهو عُسرٍ .

سؤال وجواب

سئل حكيم عن أفضل الحكمة ؟ فقال : معرفة المرء بقدره ، وعن أكمل العقل ؟ فقال : وقوف الإنسان عند علمه ، وعن الحلم ؟ فقال : حلم الإنسان عند استماع شتمه ، وعن​​ أصون المروءة ؟ فقال : استيفاء الإنسان ماء وجهه ، وعن أكمل المال ؟ فقال : ما أعطى الحق منه ، وعن أحسن السخاء ؟ ​​ فقال: البذل قبل المسألة ، وعن أ،فع الأشياء ؟ فقال تقوى الله وإخلاص العمل ، وعن أي الملوك خير ؟ فقال : أقربهم من الحلم عند المقدرة وأبعدهم من الجهل عند الغضب .

الذكر الحسن

قال الشاعر :​​ 

وما من كاتب إلا سيفنى

ويبقى الدهر ما كتبت يداه

فلا تكتب بكفك غير شيء

يسرك في القيامة أن تراه​​ 

عُبَيدُك بفنائك

عن التابعي عبد الرحمن طاووس بن كيسان الفقيه والمحدث قال : إنّي لفي الحجر (حجر إسماعيل بمكة) ذات ليلة ، إذ​​ دخل علي الإمام أبو الحسن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم ، فقلت : رجل صالح من أهل بيت الخير ، لأستمعن إلى دعائه الليلة ، فصلى ثم سجد ، فأصغيت بسمعي إليه ، فسمعته يقول عُبَيْدُك بفنائك ، مسكينك بفنائك ، فقيرك بفنائك ، سائلك بفنائك ، ثم يدعو ما يشاء ، قال طاووس : فحفظتهن ، فما دعوت بهن في كرب إلا فرج الله عني .

 

جاء في الحديث الصحيح عن أبي موسى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم​​ 
قال : ( من صلى البردين دخل الجنة ) البردان : الصبح والعصر .

ليس من كدك يا معاوية

حبس معاوية​​ بن أبي سفيان العطاء يوماً (العطاء مرتبات ثابتة لجميع أفراد الشعب تؤدى لهم من بيت المال) فلما صعد المنبر ، قام إليه أبو مسلم الخولاني فقال له : لِمَ حبست العطاء يا معاوية ؟ إنه ليس من كدك ولا من كد أبيك ولا كد أمك حتى تحبس ، فغضب معاوية غضباً شديداً ، ونزل​​ عن المنبر وقال للناس : مكانكم وغاب عن أعينهم ساعة ثم عاد إليهم فقال : إن أبا مسلم كلمني بكلام أغضبني ​​ ، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( الغضب من الشيطان ، والشيطان خلق من نار ، وإنما تطفأ النار بالماء ، فإذا غضب أحدكم فليغتسل ) وإني دخلت فاغتسلت وصدق أبو مسلم : إنه ليس من كدي ولا كد أبي فهلموا إلى عطائكم .

حق الله ألزم من حق أمير المؤمنين

أرسل يزيد بن عمر بن هبيرة إلى فقهاء البصرة والكوفة ، وبعض فقهاء الشام ، وبعد أن سألهم في مسائل كثيرة خلا بالشعبي والحسن البصري ، ثم أقبل على الشعبي فقال :​​ ( يا أبا عمرو إني أمين أمير المؤمنين على العراق ، وعامله عليها ، ورجل مأمور على الطاعة ، ابتُليتُ بالرعية ولزمني حقهم ، فإنا أحب حفظهم ، وتعهد ما يصلحهم ، مع النصيحة لهم ، وقد يحدث أمر عن بعضهم أجد عليهم فيه ، فأقبض طائفة من عطائهم وأضعه في بيت المال ، وفي​​ نيتي أن أرده عليهم ، فيبلغ أمير المؤمنين ذلك فيكتب إلي ألا أرده فلا أستطيع رد أمره ولا إنفاذ كتابه ، فقال له الشعبي : قارب وسدد إنما أنت عبد مأمور ، فسر أبن هبيرة لذلك وقال : لله الحمد ، ثم أقبل على الحسن فقال : ما تقول أبا سعيد ؟ فقال الحسن : إن حق الله​​ ألزم من حق أمير المؤمنين ، والله أحق أن يطاع ، فاعرض كتاب أمير المؤمنين على كتاب الله فإن وجدتنه موافقاً لكتاب الله فخذ به ، وإن وجدته مخالفاً لكتاب الله فانبذه ، يا ابن هبيرة ، خف الله في يزيد ولا تخف يزيد في الله ، فإن الله مانعك من يزيد وإن يزيد لا يمنعك من الله وأن أمر الله فوق كل أمر ، وإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، وإني أحذرك بأسه الذي لا يرد عن القوم الظالمين ، فقال ابن هبيرة : صدقني الشيخ ورب الكعبة وأرسل له أربعة آلاف درهم وأرسل للشعبي ألفين ، فأرسل الحسن للمساكين وفرقها جميعها عليهم ، قال الشعبي فعاهدت الله أن لا أشهد سلطاناً بعد هذا .

شكاية صريحة

قدم أمير المؤمنين ـ المنصور ـ حاجاً ، فكان يخرج للطواف ليلاً وبينما هو يطوف إذ برجل يقول : اللهم إني أشكو إليك ظهور البغى والفساد في الأرض ، وما يحول بين الحق وأهله من الظلم والطمع ، فاستدعاه ـ المنصور ـ وسأله ما هذا الذي تقول ؟ لقد حشوت مسامعي بما أرضني وأقلقني ، فأجابه الرجل : إنما عنيتك بقولي ، وقصدتك ، لا سواك .​​ 

خير المكاسب وشرها

قيل لبعض الحكماء : ما خير المكسب ؟ قال : خير مكاسب الدنيا طلب الحلال لزوال الحاجة والأخذ منه للقوة على العبادة ، وتقديم فضله لزاد يوم القيامة ، وأما خير مكاسب الآخرة : فعلم معمول به نشرته ، وعمل صالح قدمته ، وسنة حسنة أحييتها .​​ 

قيل وما شر المكاسب ؟ قال أما شر مكاسب الدنيا : فحرام جمعته ، وفي المعاصي أنفقته ، ولمن لا يطيع ربه خلفته ، وأما شر مكاسب الآخرة : فحق أنكرته​​ حسداً ، ومعصية قدمتها إصراراً ، وسنة سيئة أحييتها عدوانا .​​ 

اللهم

عن أبن عباس رضي الله عنهما قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يتهجد قال : ( اللهم لك الحمد قيم السماوات والأرض ومن فيهن ، ولك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن ولك​​ الحمد أنت الحق ، ووعدك الحق ولقاؤك الحق وقولك الحق اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنيب وبك خاصمت وإليك حاكمت فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت ، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت ) .

1

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

شــــذرات 33 – فذكر إن نفعت الذكرى